حذر فريق بحثي دولي من خطورة تصاعد الاحترار، الذي يزيد بدوره من سرعة فقدان الكتلة الجليدية في القارة، وتداعيات هذا الفقد غير القابل للاسترداد على المدن الساحلية ومواقع التراث الثقافي في العالم، من لندن إلى مومباي، ومن نيويورك إلى شنغهاي، وذلك في دراسة جديدة أجراها الفريق حول حالة الثبات في القارة القطبية الجنوبية.
عواقب وخيمة
الدراسة شارك فيها باحثون من "معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ" (Potsdam Institute for Climate Impact Research) بألمانيا، و"جامعة كولومبيا في نيويورك" بالولايات المتحدة (New York's Colombia University).
في دراستهم تلك التي نشرت بتاريخ 23 سبتمبر/أيلول الماضي في مجلة "نيتشر" (Nature)، يعرض فريق من الباحثين مقدار الاحترار، الذي يمكن أن تتحمله الطبقة الجليدية في القطب الجنوبي.
وقد رصدت الدراسة الأثر البيئي على مدار ما يقارب مليون ساعة (114 سنة تقريبا) من تاريخ بدء عمليات المحاكاة التفصيلية للنماذج المناخية، التي قاموا بتطويرها.
وتمكنوا من تحديد الموقع الدقيق، الذي ستصبح فيه الكتلة الجليدية غير مستقرة، إضافة إلى تحديد مستويات الاحترار المرافقة لذلك. ووجدوا بأنه عندما يتحول الجليد إلى حالة غير مستقرة، فإنه سيذوب، ويتجه إلى المحيط مما سيكون له عواقب وخيمة على المدى الطويل.
فعلى سبيل المثال إذا استمر متوسط مستوى درجة الحرارة العالمية لفترة طويلة بما فيه الكفاية عند 4 درجات فوق مستويات ما قبل الصناعة، فإن ذوبان القطب الجنوبي وحده يمكن أن يرفع مستوى سطح البحر العالمي في النهاية أكثر من 6 أمتار.
ذوبان بطيء لكنه أبدي
تعتبر القارة القطبية الجنوبية أساسا تراثيا في تاريخ الأرض يعود إلى ما يقارب 34 مليون سنة، وقد أفادت عمليات المحاكاة التي أجراها الباحثون أنه بمجرد ذوبانها، فإنها لن تعود إلى حالتها الأولية من جديد حتى لو انخفضت درجات الحرارة مرة أخرى.
في الواقع، لا بد أن تعود درجات الحرارة إلى مستويات ما قبل الصناعة للسماح باستردادها الكامل، وهو سيناريو غير مرجح على الإطلاق.
هذا يعني أن ما نخسره من القارة الجنوبية يعتبر فاقدا غير قابل للاسترداد، وذلك بسبب آليات ذاتية في سلوك الصفائح الجليدية في ظل ظروف الاحترار العالمي، حيث إن المحرك الرئيسي لفقدان الجليد هو مياه المحيط الدافئة، التي تؤدي إلى ذوبان أعلى تحت الجروف الجليدية، مما يؤدي بدوره إلى زعزعة استقرار الغطاء الجليدي الأرضي.
وبمجرد عبور درجات الحرارة عتبة 6 درجات فوق مستويات ما قبل الصناعة، تغرق الجبال الجليدية العملاقة ببطء إلى ارتفاعات منخفضة، حيث يكون الهواء أكثر دفئا؛ مما يؤدي إلى ذوبان المزيد من الغطاء الجليدي كما يحدث في غرينلاند.