فلسطين أون لاين

تقرير أزمة (أونروا) المالية تقترب من "الخط الأحمر"

...
صورة أرشيفية
غزة/ نور الدين صالح:

دخلت الأزمة المالية لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" مرحلة عصيبة تهدد هذه المرة رواتب الآلاف من موظفي الوكالة في مناطق عملياتها الخمس.

وحذر مراقبون في شؤون اللاجئين من أن الأزمة المالية ستنعكس سلبا على الموظفين بعدما أثرت على نوعية الخدمات الإغاثية المقدمة للاجئين الفلسطينيين خاصة في قطاع غزة، خصوصا في ظل تفشي فيروس كورونا داخل المجتمع.

وتعاني الوكالة الأممية التي تقدم خدماتها لنحو 5.5 ملايين لاجئ فلسطيني من أزمة مالية حادة منذ أن أوقفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 31 آب/ أغسطس 2018 مساهماتها في تمويل الأونروا، متّهمة الوكالة الأممية بأنها "منحازة بشكل لا يمكن إصلاحه".

وأعلن مدير عمليات وكالة "الأونروا" في قطاع غزة، ماتياس شمالي، أمس أن الأزمة المالية التي تمر بها الوكالة تهدد رواتب 30 ألف موظف بينهم 13 ألفاً في غزة، فيما يتزايد الضغط بعد كورونا.

وأضاف شمالي في تصريحات صحفية، "سنكون في كارثة حقيقية، إذ سنكون قادرين على دفع رواتب شهر سبتمبر/ أيلول بعدما استلفنا 10 ملايين دولار أميركي من الأمم المتحدة أما بخصوص الأشهر المقبلة فلا تتوافر الأموال اللازمة لدفع الرواتب".

انعكاسات سلبية

نائب رئيس اتحاد الموظفين العرب في "الأونروا" عبد العزيز أبو سويرح، أكد أن الأزمة المالية للوكالة سيكون لها انعكاسات سلبية على الموظفين واللاجئين في القطاع بشكل عام، معتبراً المساس برواتب الموظفين "خط أحمر".

وقال أبو سويرح لصحيفة "فلسطين": "مسؤولية شمالي الوقوف على جراح أهل غزة وتلّمس احتياجات اللاجئين، خاصة في ظل جائحة كورونا وتراكم الأزمات".

وقال إنه "ليس من اختصاص" مدير عمليات الأونروا بغزة الحديث عن جميع الموظفين في الأقاليم الخمس، مقدرا أنها "ربما تكون تصريحات شخصية أو تعبر عن رأيه، لأن هذا الأمر يتحدث فيه المفوض العام وجهات مختصة (في الأونروا)".

وشدد أبو سويرح على أن "رواتب الموظفين خط أحمر، خاصة في ظل اشتداد الأزمات في غزة، كما أن تقليصها يؤثر على الاقتصاد في القطاع بشكل عام"، مبينا أن 70% من ميزانية الأونروا تذهب لرواتب الموظفين، "وتقليصها سيعني المضي نحو التقليص سنة بعد الأخرى".

وأكد أنه من "المفترض التفكير في كيفية الحصول على التمويل ومخاطبة الدول المانحة لدفع التزاماتها السنوية، وليس وضع سيناريوهات لتقليص الرواتب والخدمات".

وبيّن أبو سويرح، أن تقليص الرواتب سيؤثر على عدد كبير من الموظفين خاصة الذين لديهم التزامات للبنوك، والمُعيلين لأسر ممتدة، مما ينعكس على جودة الخدمة المقدمة منهم، موضحاً أن التذرع بالأزمة بين وقت وآخر "يشكل خطراً على الأمان الوظيفي للموظفين".

وأضاف في هذا السياق: "في حال أقدمت الوكالة على هذه الخطوة، فسيكون لنا موقف جاد في الرد على ذلك ولن نسمح بتنفيذها، فنحن دائماً مع الموظفين ومطالبهم".

مؤشر خطير

ولا شك أن الأزمة المالية التي تمر بها الوكالة ستنعكس أيضاً على اللاجئين والخدمات المقدمة لهم في القطاع، وفق عضو اللجان الشعبية للاجئين زياد الصرفندي.

وأوضح الصرفندي لصحيفة "فلسطين"، أن الأزمة التي تمر بها الأونروا في الوقت الحالي من أسوأ الأزمات، وهو ما ظهر جلياً خاصة في ظل كورونا، عدا عن عدم وجود خطط أو برامج لسد العجز الحاصل.

وعدّ أن الأزمة المالية التي تمر بها الأونروا لها "مردود سياسي على الشعب الفلسطيني وتمرير للمشاريع الصهيوأمريكية، قائلاً: "للوكالة دور أكبر وقدرة على جلب الأموال من الدول المانحة، وليس التوجه نحو المساس برواتب الموظفين".

ووصف المساس بالرواتب والخدمات "مؤشرا خطيرا" يتطلب موقفاً وطنياً من الجهات المختصة والدول المانحة لمساندة الوكالة في توفير الخدمات الإغاثية للاجئين.

وبيّن الصرفندي أن الأزمة التي يمر بها قطاع غزة خاصة في ظل تفشي كورونا، تتطلب مضاعفة الخدمات الصحية والإغاثية للاجئين، وليس تقليصها، بسبب توقف كثير من الأعمال وارتفاع نسبة الفقر والبطالة.

وأوضح أن وجود الوكالة "أمر مهم" وتغييبها يؤثر سلباً ويرفع أعداد الفقراء، عدا أنه "مطلب أمريكي- اسرائيلي يتماشى مع صفقة القرن وشطب حق العودة واللاجئين".

وكان من بين تصريحات شمالي، أنه "لا يُمكن فصل الأموال المخصصة لمواجهة جائحة كورونا عن الأموال الأساسية التي نحتاجها، حيث نحتاج شهرياً لغزة وحدها 18 مليون دولار أميركي لدفع رواتب الموظفين واستمرار الخدمات الغذائية للاجئين حتى يبقوا بصحة جيدة ولا يصابوا بالأمراض ويجدوا ما يكفي من الطعام ليتناولوه".

وأكمل "حتى الآن لدينا ما يقارب من 10 ملايين دولار أميركي، وهو تمويل خاص بدعم البرنامج الغذائي وما هو متوافر حالياً يكفي لنهاية العام الحالي".

والأسبوع الماضي، قال المستشار الإعلامي للأونروا عدنان أبو حسنة، لإذاعة صوت فلسطين التابعة للسلطة، إن الوكالة تواجه عجزا بمبلغ 200 مليون دولار لتغطية برامجها الإنسانية حتى نهاية العام الجاري.

وحذر أبو حسنة من أن جميع برامج الوكالة مهددة بالتوقف قريبا بفعل العجز المالي في ميزانيتها، وهو ما اعتبره رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار جمال الخضري، بأنه مؤشر خطير جدًّا.

وقال الخضري، في تصريح صحفي الجمعة: إن "الأزمة بدأت تدخل منحنى جديدا حين بدأت تطال رواتب الموظفين، وهذا مساس بالموظفين وعوائلهم".

وبالتزامن مع ذلك أكد وزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي، أهمية استمرار توفير الدعم السياسي والمالي لوكالة الأونروا لضمان استمرارية خدماتها الحيوية وفق تفويضها الأممي لحين التوصل إلى حل دائم وعادل لقضية اللاجئين وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.

المصدر / فلسطين أون لاين