فلسطين أون لاين

تقرير ذكرى "هبة النفق" تنكأ جراح أمهات الشهداء.. و"الأقصى" لا يزال في خطر

...
صورة أرشيفية
غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

رغم مرور أربع وعشرين عامًا على "هبة النفق" ما زالت عائلات الشهداء تستذكر لحظات فراق أبنائها، في حين لا يزال الخطر قائمًا حول المسجد الأقصى المبارك الذي لم يفتأ الاحتلال يبتكر الطرق للمساس به لتهويده، فيجد في مواجهته شعبًا صامدًا يقدم الغالي والنفيس لأجل القدس.

ففي صباح يوم الخامس والعشرين من سبتمبر/ أيلول عام 1996، انطلق الشعب الفلسطيني بكل فئاته في هبة فاجأت (إسرائيل) والعالم بعد أن أقدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي على فتح نفق أسفل المسجد الأقصى المبارك، فانصهرت جميع فئات الشعب الفلسطيني في بوتقة المواجهة والتصدي لمدة ثلاثة أيام متتالية، وبلغ عدد الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا في هذه الهبة (63) شهيدًا، و(1600) جريح في عموم الأراضي الفلسطينية.

كأنه اليوم

والدة الشهيد رائد شراكة، الحاجة كريمة صباح "أم نادر" تؤكد أن يوم فراقه لم يزل بمخيلتها كأنه اليوم، إذْ كان رائد كأقرانه من طلاب المدارس يذهبون لإلقاء الحجارة على قوات الاحتلال وخاصة مع اندلاع "هبة النفق" حيث سارع رائد للانخراط فيها دفاعًا عن المسجد الأقصى المبارك.

وتضيف: "كان يذهب يوميًّا لإلقاء الحجارة ويعود بسلام إلى أن جاء الخامس والعشرون من أيلول إذ قصفت قوات الاحتلال بالطائرات مَنْ اشتبكوا معها فبلغني خبر استشهاد ابني رائد"، حيث حاولت قوات الاحتلال اقتحام رام الله مستخدمة طائرات كوبرا المروحية في إطلاق النيران على المواطنين ما أوقع عددًا من الشهداء والجرحى منهم رائد (15 عامًا) من مخيم الجلزون.

هرعت "أم نادر" للمستشفى لتجد حولها الكثيرين ممن فقدوا أبناءهم مثلها، تقول: "ما خفف مصيبتي أنني لدي خمسة أولاد وثلاث بنات بخلاف رائد فكانت مصيبتي أخف ممن استشهد ابنهم الوحيد".

لكن وقع الصدمة كان قويًّا على والد الشهيد الذي أُصيب بأمراض مزمنة من شدة الحزن على ابنه أنهكت قواه حتى توفي في عام 2013 وهو لا يفتأ يذكر "نادر".

وتزور "أم نادر" قبر ابنها باستمرار ولن تنساه أبدًا، قائلة: "لقد ذهب فداءً للقدس وما يؤلمني أن طريق تحرير القدس ما زال طويلاً ويحتاج لمزيد من التضحيات، والوضع العربي والدولي يؤخر تحريره لكننا كفلسطينيين ضحينا وما زلنا نضحي بالغالي والنفيس في سبيل تحريره".

وتشير إلى أن ذكرى "هبة النفق" من كل عام تنكأ جراحها وجراح أمهات كثر في مخيم الجلزون وباقي ربوع الوطن فقدن أبناءهن في سبيل القدس.

وتضيف: "مرت أربعة وعشرون عامًا وكلما سمعتُ باستشهاد فلسطيني دعوت لأمه بأن يمنحها الله الصبر على مصيبتها كما صبرني على فراق رائد".

بدوره، بين عضو لجنة الدفاع عن سلوان فخري أبو دياب أن الحفريات الإسرائيلية كانت وما زالت مستمرة أسفل المسجد الأقصى المبارك قبل وبعد "هبة النفق"، "بهدف سحب الأتربة والصخور من أسفل تلك الأساسات ما أحدث تشققات كثيرة أسفل المسجد والمنازل المجاورة".

وأوضح أن خطورة النفق تتمثل في أنه يمتد من المنطقة الجنوبية الغربية للمسجد حتى الشمال "ما يعرف يهوديًّا بطريق الآلام".

وقال أبو دياب: "كان الهدف منه تسهيل دخول المستوطنين إلى باحات الأقصى من ساحة حائط البراق ما أدى لانهيارات في الجزء الغربي من المسجد".

وأضاف: "توقفوا عن حفره في إثر هبة شعبنا لكن حفرياتهم لم تنتهِ فقاموا بالمزيد من الحفريات والأنفاق أسفل المسجد، حتى أصبحت أساساته معلقة في الهواء، وفي حال أي هزة ينهار وهذا هو هدفهم لأن إزالة المسجد وإقامة الهيكل على سلم أولوياتهم".

ولفت أبو دياب إلى أن (إسرائيل) منذ احتلال الجزء الشرقي من القدس تحاول تغيير الوضع القائم في الأقصى من خلال أساليب مختلفة منها حرق الأقصى وحفر النفق وغيرها، ولا تجد في مواجهتها سوى الفلسطينيين وخاصة المقدسيين.