فلسطين أون لاين

ما بيننا أكبر من كل الميداليات

​أخوان يخوضان تجربة منافسة لم تخطر لهما على بال

...
الشقيقان الكسواني
القدس المحتلة / غزة - هدى الدلو

قبل خمس عشرة دقيقة فقط أخبروا مصطفى أن المواجهة الأخيرة ستكون بينه وبين أخيه محمد؛ وذلك بعدما أُجريت قرعة، واختيارهم وفق الشروط الرياضية، فهذه المرة ستجمعهم "حبلة التايكوندو"؛ وعلى مدار أربعة أعوام من التحاقهم بهذه الرياضة لم يتم مواجهتهم مع بعضهم البعض، ولكن جاءت اللحظة التي لم يعملوا لها حسابًا يومًا ما.

ولم تخطر ببالِ أحدهم أن خصمه في الحلبة سيكون أخاه، لكن الأمر اتخذ منحى آخر في نفوسهم؛ فللوهلةِ الأولى لم يعرفوا كيف سيتصرفون؛ "أيُعقل أن أوجه اللكَمات لأخي!".

كانا يتمنيان لو أن المدربين حادوا عن هذا القرار؛ و يعلنان انسحابهما من المباراة ولكن المدربين رفضوا وأجبروهما على خوضها.

مصطفى ومحمد الكسواني (14 و13 عامًا) من القدس المحتلة، لأول مرة يتملكهما الخوف بهذا الشكل، فقد خاضا بطولاتٍ ولم يشعرا في يوم ما بذلك، لا سيما أنهما يتقبلان النتائج بروح رياضية سواء كانت فوزا أو خسارة.

أطلق المدرب صفارته معلنًا بدء المباراة، وكانا على وشك البكاء، وكل واحدٍ منهما ينظر للآخر منتظِرًا منه أن يبدأ، طيلة الجولة الأولى لم يسدد كل طرف للآخر سوى ضربات معدودة لم يسجل فيها الحكام سوى نقطة أو نقطتين، فدموعهما لم تفارقهما ثم أعلنا انسحابهما، بعدما تنازل كل واحد منهما لأخيه ليتم تكريمهما بميداليات ذهبية.

تجلت معنى الأخوة في أبهى صورها، فقال مصطفى: "كل واحدٍ منا يتمنى أن يحصد الميدالية الذهبية، وقد تربينا معًا فكيف يمكن أن أضرب أخي أمام العالم، فالأخوة أكبر من بطولة وميداليات ذهبية".

ويقاطعه محمد بقوله: "عزَّ عليّ أن أسدد أي ضربة له تحسب لي نقطة، وأُتوج بالفوز وأخي يتألم من ضرباتي، فقد تربينا على أن نكون يدًا واحدة".

ورغم جمال هذه الرياضة فقد ألقت بظلالها على شخصيتهما من خلال القوة والجرأة التي أمدتهم بها، ومساعدتهم في الدفاع عن أنفسهما.

كلاهما يجمع على أنه تعلم التعامل بروحٍ رياضية، وتقبل الخسارة كما الفوز.

وأوضح مدربهم محمد جودة أنه على مدار أربعة أعوام لم يتقابل مصطفى ومحمد في الوزن وهو الشرط الذي يتم من خلاله اختيار طرفي المباراة، كما أنه يتم تعليمهم مواجهة أي شخص في يومٍ ما كأخ أو صديق فهكذا هي قوانين الرياضة، لكنهم لم يستوعبانه.

وقد كان هذ الموقف في بطولة "family taem" فريق العائلة الذي شارك فيه معظم أندية مدينة القدس، وقد شارك الأخوان في بطولات محلية ودولية عدة وحصدا ميداليات عدة.