على الرغم من أن محادثات المصالحة والوحدة الفلسطينية التي استضافتها إسطنبول التركية، هذا الأسبوع، من شأنها كما لقاء قادة الفصائل الذي عُقد بالتوازي بين رام الله وبيروت، أن تعزز الأمل لدى الفلسطينيين في تحرك فعلي فلسطيني موحد لمواجهة "صفقة القرن"، إلا أن مخرجات هذه اللقاءات لجهة الاتفاق على انتخابات فلسطينية، تشريعية ورئاسية، بعد ستة أشهر، تبعث رسالة وكأن القيادة الفلسطينية لا تستعجل أمرها في مواجهة مخطط تصفية القضية الفلسطينية.
الجدول الزمني الذي تم نشره والحديث عنه، وكرره أمس الأول جبريل الرجوب في مقابلة مع قناة "الأقصى"، يتحدث عن لجنة تحضيرية لتجهيز الاستعدادات لهذه الانتخابات، وستة أشهر لإجرائها، تتشكّل بعدها حكومة وحدة، يشي أيضاً بأننا سندخل حالة انتظار، فيما لا أحد ينتظر معنا نتائج هذه الانتخابات ومجرياتها، حتى لو سلّمنا أنها ستسير بيسر وسهولة وستكون نتائجها مقبولة من الجميع. الواضح أن قطار التطبيع الذي يقوده دونالد ترامب وبنيامين نتنياهو بسرعة وقوة وفظاظة لن ينتظر الانتخابات الفلسطينية، بل يسارع لتحميل أكبر عدد ممكن من الأنظمة العربية في عرباته الخلفية حتى لا يُبقي دولة عربية واحدة "مارقة" ومتمردة على خيار التطبيع الذي لا يرتدع أصحابه عن نشر شروط الابتزاز التي يحملها للدول، إما الدخول في ركب التطبيع وإما البقاء خارج الحل، مع ما يعنيه ذلك من مواصلة الضغوط على أنظمة الدول التي ترفض التطبيع، وترفض الاستسلام لشروط دولة الاحتلال، وترفض التنكّر لقضية فلسطين.
وفق التقارير المتواترة، سواء من واشنطن أم من تل أبيب، فإن الراكب القادم المرشح اعتلاؤه قاطرة التطبيع، هو السودان مقابل رفعه عن لائحة الإرهاب، وتغذية خزينته بعدة مليارات من الدولارات، وسلطنة عُمان خلال أسبوع أو أسبوعين في أكثر تقدير، بحسب تقرير لـ"معاريف" أول أمس. هذا كله يثير السؤال لماذا يجب انتظار الانتخابات بعد ستة أشهر، ما دام تم تشكيل قيادة موحدة للمقاومة الشعبية؟ كما يطرح وجود هذه الهيئة أيضاً سؤالاً ما هي أشكال المقاومة المقصودة، وما هو سقفها، وهل هناك نيّة فعلية لتفعيلها؟ الأمر الأكيد أنه لا قطار التطبيع ينتظر ولا سياسات الاستيطان تنتظر ما ستؤول إليه الانتخابات المقبلة، وهو ما يلزم القيادة الفلسطينية بكل فصائلها وتنظيماتها، بتسريع مواجهة التطبيع وتصفية القضية من دون انتظار.