"لا تكن سببًا.. كن داعمًا"
يعد الدعم النفسي الاجتماعي من أهم وسائل الدعم للفرد في حياته اليومية, بل أصبحت حاجة ملحة نظرًا للضغوطات التي يعيشها في هذا العصر, إذ بدونه تسيطر الهموم والانفعالات, والكآبة والقلق, وقد يلجأ الفرد للانتحار كوسيلة للتخلص من الحياة.
أما بالنسبة لأسباب الانتحار، فقد تعددت وتداخلت، فمنها أسباب نفسية وعقلية وأسرية ومجتمعية, وعلى رأس تلك الأسباب الاكتئاب, إضافة إلى الحالات التي تحدث فجأة في لحظات تمر بها بأزمة نتيجة انهيار القدرة على التعامل مع ضغوط الحياة, كالمشاكل المالية والأمراض المزمنة وانهيار علاقة ما، وضعف العلاقات الاجتماعية.
منظمة الصحة العالمية: كل عام يضع ما يقارب 800 ألف شخص نهاية لحياته
والانتحار يعد السبب العاشر عالميا لحالات الوفاة. وما يتعلق بالمستوى الاقتصادي وعلاقته بالانتحار فلا يعد سببا رئيسا له, وذلك لأن بعض البلدان مرتفعة الدخل سجلت أعلى معدلات للانتحار, فالمشاكل الأسرية والخلافات العائلية وما يصاحبها من ضغوطات على حياة الفرد تعد أحد العوامل المؤدية إلى الانتحار.
وعلى الصعيد الاجتماعي, فالتطور الرهيب الحاصل في عالم التكنولوجيا والاتصالات, قلل من العلاقات الاجتماعية بين الأفراد سواء على صعيد الأسرة أو على صعيد العلاقات بشكل عام, فأصبح التواصل المباشر بين الأصدقاء خفيفا مقارنة بالسابق, فـ"الحاجة الاجتماعية" بناء على هرم "ماسلو" تعد من أهم الحاجات بعد الحاجة الفسيولوجية والحاجة للأمن, وهذا دليل على أن الحاجة الاجتماعية مهمة في حياة الفرد النفسية والاجتماعية.
فالكثير من الأفراد في ظل هذه الظروف الصعبة والتحديات هم بحاجة إلى من يسمعهم وينصت إليهم فقط, فالكلام العالق في الصدر يبقى كالنار المشتعلة لا تنطفئ إلا عندما تخرج, فبقاء هذه الشعلة من النار في الصدر ومع تراكم الضغوطات قد يحدث للفرد أمر بسيط يجعله يقدم على الانتحار، فيكون هذا السبب كالقشة التي قسمت ظهر البعير, فالحديث يعتبر من أهم أساليب التفريغ الانفعالي للضغوطات والمكبوتات التي يمر بها الفرد.
"من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة"
فشعور الفرد أن في هذا العالم شخصا يثق به ويستمع إليه هو شعور يعطي صاحبه الطاقة والقوة في مواجهة التحديات، حتى وإن لم يتواصل معه من أجل مشاكله, فهو يعلم أن هذا الشخص أو هذا الصديق هو دائمًا موجود من أجله.
فتواصلوا مع الآخرين وتفقدوا من حولكم, فالشعور بالاهتمام لا يضاهيه أي شعور, ويعطي للفرد الإحساس بالأهمية وأنه جزء من هذا العالم.
استمعوا إليهم، فالكثير من الأفراد هم بحاجة فقط إلى من يسمع وينصت إلى مشاكلهم وضغوطاتهم التي يعانون منها, ويحتاجون أن يفرغوا هذه الطاقة إلى أشخاص يتقبلوهم بما هم عليه بدون أي أحكام, لأن تجنب الأشخاص للمشاركة هو ناتج عن خوفهم من هذا العالم المتسارع والمدعي للمثالية الذي ما أن يجدوا شخصا أخطأ ينهالون عليه بالشتم والانتقاد، الأمر الذي يزيد من الضغوطات على الأفراد ويجعلهم يتجنبون المشاركة خشية وقوعهم فريسة للتنمر.
فتوقفوا عن التنمر والنقد المستمر, فأنت لا تعلم ظروف من تتنمر عليه أو تنتقده، فقد تلقي بكلمة بسيطة دون أن تعطي لها بالاً فتقضي على هذا الشخص, فادعموا الآخرين وكونوا مصدرًا للأمل والطاقة الإيجابية.
تبسموا في وجه الآخرين, فالابتسامة كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم صدقة, أضيئوا الطرق, وأسعدوا بعضكم البعض ولا تكونوا منبرًا للبؤس والتعاسة, كونوا صادقين لا جارحين, ابتسموا للأطفال للعابرين للبؤساء, كونوا نسائم لطف لا دعاة كآبة.