السفينة المحملة بالقذائف تعود لبريطانيا، السفينة غرقت في البحر المتوسط على بعد كيلو متر واحد من شاطئ قطاع غزة. السفينة غرقت في عام ١٩١٧م في أثناء حرب بريطانيا مع الدولة العثمانية، وفي أثناء محاولتها احتلال فلسطين. السفينة مكثت في قاع البحر على مسافة ٣٣ مترًا لمدة ١٠٠ عام حتى جاءتها يد القسام لتستخرج كنوزها وما فيها وتعيدها إلى الحياة من جديد.
(إسرائيل) اعترفت بوجود السفينة في مياه غزة، وقالت: كنا على علم بوجودها وبما تحمل وبتاريخ غرقها، وكنا نحاول الوصول إليها، ولكنا فشلنا لأسباب أمنية، ووصلت إليها ضفادع القسام قبلنا، واستخرجوا ما فيها ببطء.
هذه الاعتراف (الإسرائيلي) الذي جاء على لسان بعض قادة الجيش في الصحف العبرية يؤكد صحة ما قالته حماس، وما نقله عنها برنامج (ما خفي أعظم) الذي بثته الجزيرة مؤخرا. البرنامج المدهش فيما قاله يرد على تشكيك بعض من يستقلون بقدرات العربي بدون نقاش، ولكن تأكيد (إسرائيل) كان أمرا قاسيا على هؤلاء المشككين. ثم بعضهم شكك في صلاحية المتفجرات التي في القنابل بسبب طول مكوثها في البحر، ولكن الدراسات العلمية تبطل هذا التشكيك.
برنامج (ما خفي أعظم) جاء في توقيت مهم بالنسبة للفلسطينيين، ذلك أن حالة يأس الفلسطينيين من جامعة الدول العربية، ومن بعض دول الخليج وصلت مداها، وتعالت أصوات فلسطينية تصف ما حدث بالخيانة، وتطالب فلسطين بالانسحاب من الجامعة، فقالت لهم حماس من خلال البرنامج وما كشفته في هذا التوقيت: يجدر بنا ألا نيأس، ويجدر بنا أن نعتمد على أنفسنا، وعلينا أن نبحث في كل مكان، وتحت كل حجر، بل وتحت كل قطرة ماء لنصل من خلال البحث لما يعيننا على المضي قدما في خدمة قضيتنا، ومغالبة الحصار، ومقاومة العدو.
نعم، ما حققته ضفادع حماس كان عملا كبيرا يستحق تعظيم سلام، وفيه دلالة على قدرة الفلسطيني على الحياة والمقاومة إذا امتلك إرادة المقاومة والحياة.
من أعماق البحر، ومن أعماق التاريخ تأتي حماس بأسلحتها لتقاوم العدو، بينما من لديهم الأسلحة الحديثة يهرولون للتطبيع مع دولة العدو، ويزعمون أنهم يفعلون ذلك خدمة للقضية الفلسطينية؟! تعسوا وخابوا؟!
كذبوافي زعمهم هذا، ولكنهم صدقوا حين زعموا أن منظمة التحرير سبقتهم بسنين في الاعتراف والتطبيع في أوسلو مقابل عطاء هزيل هو الاعتراف بمنظمة التحرير ممثلا وحيدا للشعب الفلسطيني.
هم صدقوا في تلك، ولكن ليست لهم حجة، فجُل الشعب الفلسطيني يقف ضد أوسلو، ومن وقّعوا أوسلو قالوا: إن العرب هم من دفعونا إليه دفعا. المهم أخيرا: إن القسام يرسم طريقا يبسا في بحر المتوسط لمن يريد أن يسير قدما نحو المقاومة والتحرير ورفع الحصار. وما كان للقسام هذا لولا توفيق الله وهدايته، لذا يجدر بنا أن نكون مع الله دائما لا مع الخليج أو الجامعة.