بعيدا عن السياسة، ومقاربة لواقع معالجة الداخلية لتداعيات كورونا على المواطنين في غزة، نقول وبالله التوفيق:
أولا: تستحق قوات الأمن الداخلي والشرطة وقيادة الأجهزة بشكل عام الشكر على قيامها بواجباتها الوطنية في ظل حرارة الطقس المرتفعة جدا، وأحسب أن تعليمات اللواء "أبو عبد الله" هي تعليمات علمية، وقانونية، ودقيقة، وواضحة للمواطن، ولجهات التنفيذ والمتابعة من قوى الأمن والشرطة، وأحسب أن قيام الشرطة بواجباتها قد أسهم بتخفيف حالات الانتشار، وجعل أمر السيطرة على بؤر تصدير الفيروس ممكنا.
ثانيا: مع وضوح التعليمات، والسماح للمواطنين مؤخرا بالتحرك وفق إجراءات الوقاية حتى الساعة الثامنة مساء، حيث تصبح حركة السير على شارع صلاح الدين، وذلك لأسباب إدارية وتنظيمية، لا لأسباب صحية أو مرضية، فشارع صلاح الدين ليس أكثر أمنا من شارع الرشيد بعد الثامنة، والفيروس لا يعرف خارطة شوارع القطاع والطرق الرئيسة، والطرق الفرعية.
ثالثا: المؤسف ألّا يحسن بعض المسئولين على الحواجز معرفة حقيقة وجوهر تخصيص الساعة الثامنة، وتخصيص صلاح الدين للمتنقلين بعد الثامنة مساء، فيتصرفون مع المواطنين بدرجة عالية من التحكم والتعالي، باسم التعليمات التي هي تدينهم! دون مراعاة للحكمة من الأمر، ودون مراعاة لظروف المواطنين، وأحوالهم الصعبة في ظل منع الحركة، وقلة العمل، وقسوة الأحوال الجوية، إضافة إلى أخطار الوباء.
رابعا: في مساء يوم السبت وقبل الثامنة بربع ساعة، منع مسئول حاجز الزهرة على شارع الرشيد سيارة من المرور عبر الحاجز، وطلب من صاحبها التوجه لشارع صلاح الدين. صاحب السيارة أخبره أن الساعة لم تصل الثامنة، وأن بيته على شارع الرشيد، فرفض التماسه، وأصر على منعه رغم أن ثواني فقط فصلت بينه وبين آخر سيارة مرت من الحاجز. مسؤول الحاجز لم يقبل الرجاء، ولم يقبل غيره، وانتصر لرأيه، وتعنت، ولم يقدر ظروف المواطن، هو يدعي أنه يعمل لخدمته!
خامسا: ما من شك أن قيادة الشرطة والأمن في حاجة لمراجعة مثل هذه الحالات، واختيار مسئولي الحواجز ممن يقدرون الظرف جيدا، وينفذون التعليمات بدقة، دون تحكم وفرض رأي على المواطنين. إن المواطن الذي يتعرض لمثل هذه المعاملة الخشنة وغير القانونية، يسيئون للشرطة، ولحركة حماس، ويزرعون كراهية عامة للشرطة بين المواطنين، وليس للشخص الذي تصرف خطأ.
أخيرا أقول: من المهم أن نحمي المواطن من كورونا، ولكن الأهم هو كيف نحمي الشرطة من فيروس الكراهية؟! تنفيذ التعليمات بدقة جيد، ولكن الأجود هو كيف ننفذ هذه التعليمات بخلق وإنسانية. وقديما قالوا: الأهم من القانون هو روح القانون. نريد روحا في الحواجز.