خمسة أعوام متواصلة لم تبحر مراكب محمود علوان في بحر قطاع غزة، بسبب الإغلاق الإسرائيلي لمنطقة البحر طيلة مدة اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، ومنع الاحتلال لأي صياد فلسطيني من الوصول إلى البحر.
ولم تفلح محاولات الصياد علوان وزملائه في دخول حاجز التفاح الذي كان يفصل منطقة البحر مع مدينة خان يونس جنوب القطاع أيام انتفاضة الأقصى، وشاطئ بحر رفح، ما تسبب بخراب مراكب الصيد الخاصة به.
وظلت مراكب الصيادين في منطقتي خان يونس ورفح جاثمة على رمال الشاطئ، تضربها مياه الأمطار، حتى وصل الصدأ إلى مولداتها، ونخر السوس أخشابها، ما تسبب في تلف الكثير منها.
يقول الصياد علوان في حديثه لصحيفة "فلسطين"، إنه منذ وجودنا في البلاد المحتلة، أي بلدة الجورة داخل الأراضي المحتلة عام 1948، لم نعرف إلا مهنة صيد الأسماك، وربينا أولادنا على تعلم الصيد، وبعد الهجرة والوصول إلى غزة بقينا على مهنة أجدادنا.
ويضيف أنه منذ وصولنا لغزة لم نعرف عملًا غير صيد الأسماك، فاستثمرنا كل أموالنا في شراء المراكب والمولدات الخاصة بها، ومعدات أخرى كالشباك والأخشاب.
ويوضح أن عائلته لديها سفينة كبيرة تُعرف بـ"اللنش" في بحر مدينة رفح، وعدد من المراكب الصغيرة "حسكات"، ولم يستطِع أحد من الصيادين الوصول إليها طيلة وجود الاحتلال في قطاع غزة.
ومع إصابة العطل سفن عائلة علوان جميعها، بلغت خسائرها أكثر من 100 ألف دولار، إضافة إلى تعطُّل عشرات العاملين في مهنة الصيد عن العمل، وانقطاع مصدر رزقهم الوحيد.
وبجانب تعطل مهنتهم، لم تسلم مراكبهم من مهاجمة قطعان المستوطنين ومحاولة حرقها بين الفينة والأخرى، وسرقة بعض المعدات الموجود عليها، كالشباك والمولدات والمواتير غالية الثمن.
ومع الاندحار الإسرائيلي من قطاع غزة عام 2005، دخلت الفرحة قلوب عائلة علوان وباقي الصيادين في مدينتي رفح وخان يونس جنوب قطاع غزة، لكونهم سيعودون إلى مهنة آبائهم وأجدادهم.
الصياد محمود قنن أحد الصيادين الذين منعوا أيضًا من الوصول إلى البحر وممارسة مهنة الصيد، سارع عقب الاندحار الإسرائيلي إلى إصلاح مركبه وتهيئته للإبحار من جديد.
يقول قنن لـ"فلسطين": "5 سنوات صعبة قضيناها بعيدًا عن البحر الذي تربينا فيه منذ أن كنا صغارًا، خاصة أنه لم يكن لدينا غير مهنة الصيد".
ويوضح أنه بمجرد خروج الاحتلال من قطاع غزة، ذهب برفقة أبنائه وزوجته إلى ميناء مدينة خان يونس، ووجدوا مركبه الصغير بحالة متوسطة، حيث تبقى هيكله الخشبي كما هو.
ويلفت إلى أنه عمل على إصلاحه بعد أقل من أسبوع بعد اندحار الاحتلال، وبعدها أبحر في عرض البحر لممارسة مهنة والده وجده، بكل حرية.
ويعدُّ قطاع الصيد الفلسطيني من القطاعات الاقتصادية بالغة الأهمية؛ إذ يشارك في دعم الناتج القومي الفلسطيني، عبر تشغيل أعداد كبيرة من الصيادين.
ويقدر عدد الصيادين بحوالي 3600 صياد و500 شخص يعملون في المهن المرتبطة بالصيد، مثل تجار السمك، والميكانيكيين، والكهربائيين، وبنائي المراكب، وتجار أدوات الصيد، إضافة إلى أهميته في دعم الأمن الغذائي الفلسطيني، عبر توفير البروتين الحيواني من الأسماك.