فلسطين أون لاين

تقرير مرضى السرطان بغزة في زمن "كورونا".. معاناة جديدة في بروتوكول العلاج!

...
صورة تعبيرية
غزة/ أدهم الشريف

لم يكن مرضى السرطان في قطاع غزة على قدرٍ كافٍ من الرفاهية حتى جاءت جائحة "كورونا" لتسبب مزيدًا من الألم والمخاطر التي تهدد حياتهم تزامنًا مع إغلاق معبر رفح، وعدم إمكانية سفر الحالات للعلاج في مستشفيات الضفة الغربية التي يتفشى فيها الوباء.

ويقارب عدد مرضى السرطان بغزة وفق طبيب مختص في الأورام، 6 آلاف حالة، وهم في تزايد مستمر، وقد فرض وصول الجائحة العالمية إلى غزة نهاية آب/ أغسطس الماضي، ظروفًا جديدة لم يعدها هؤلاء من قبل.

وبينما لم يكن بإمكان مرضى السرطان بغزة الوصول لمستشفيات الضفة الغربية لتلقِ العلاج المناسب بسبب المنع الأمني للبعض منهم وجراء انتشار وباء "كورونا" هناك، أصبح هؤلاء غير قادرين على الوصول للمستشفيات المخصصة لعلاجهم بغزة جراء اكتشاف عدد من الإصابات بـ"كورونا" بداخلها أيضًا.

لكن مدير قسم الأورام في مستشفى عبد العزيز الرنتيسي بمدينة غزة، الدكتور خالد ثابت، أفاد بأن المشفى الذي يقدم خدماته الطبية لمرضى السرطان في محافظات الشمال وغزة والوسطى معًا، استأنف علاج هؤلاء المرضى تدريجيًا هذا الأسبوع رغم جائحة "كورونا".

وقال د. ثابت لـ"فلسطين"، إن مرضى السرطان بغزة يعانون من مشاكل جمة منذ عدة سنوات نتيجة عدم توفر الإمكانيات اللازمة لعلاجهم، وخاصة العلاج الاشعاعي، كما يواجه بعضهم مشكلة في السفر للعلاج، مبينًا أن العلاجات الأخرى ومن بينها الكيماوية تتوفر لكن بنسب متفاوتة.

ونبَّه إلى أن الإشكالية التي طرأت حديثًا تمثلت بتفشي "كورونا" في غزة الذي يسكن فيه مليوني نسمة على الأقل.

وأضاف د. ثابت: أن مرضى السرطان أصحاب مناعة ضعيفة، وهم أكثر عرضة للإصابة بالفيروس وتداعياته خطيرة على صحتهم، مبينًا أن مريضو السرطان أكثر عرضة للوفاة في حال إصابتهم بـ"كورونا"، وتتراوح نسبة الوفاة بينهم؛ 6-8 بالمئة.

خطة متكاملة

ولذلك عندما وصلت الجائحة إلى غزة، بحسب الدكتور ثابت، كان لا بد من خطة متكاملة تضمن الحفاظ على مرضى السرطان، وتقديم العلاج بدون المساس بالبروتوكول العلاجي الموصوف لهم.

وتابع: خلال أول أسبوع لتفشي "كورونا" بغزة، قمنا بتشغيل مستشفى الرنتيسي بعد فحص جميع العاملين واستثناء المصابين بالفيروس، وكانوا قلة قليلة في حين أن باقي الطاقم كانت نتائجه سلبية.

وأكمل: تم تشغيل العيادة الخارجية ومن خلالها قدمنا المسكنات والأدوية الطارئة للمرضى، خاصة وأن مرضى السرطان لا يتحملون الألم دون مسكنات وإلا تنقلب حياتهم إلى جحيم.

ومطلع الأسبوع الحالي، وفق د. ثابت، عقد الأطباء المسؤولون في المستشفى اجتماعًا لتقييم الوضع العام بداخله، وقرروا البدء في تقديم جرعات العلاج الكيماوي للمرضى الذين لا يستطيعون الصبر بعد أن تفشي السرطان في أجسادهم.

ونبَّه رئيس قسم الأورام في مستشفى الرنتيسي، إلى أن تأخير تقديم العلاج الكيماوي يسبب زيادة في آلامهم ومعاناتهم.

وأفاد بأن الفرق الطبية المختصة نجحت في تقديم العلاج الكيماوي هذا الأسبوع لـ120 مريض سرطان، بكفاءة وبأمان عالٍ، مبينًا أن عينات الفحص العشوائية التي أخذت من الأطباء العاملين، كانت جميعها سلبية، وشكل ذلك انجاز للطاقم الطبي المخصص لعلاج مرضى السرطان، وكذلك لقسم الأورام.

والأسبوع المقبل من المقرر تقديم العلاج الكيماوي لفئة أكبر من مرضى السرطان، "لكننا لا زلنا الآن في إطار بعض الإجراءات لفتح الأقسام بعد تعقيمها لإدخال المزيد من المرضى الذين بحاجة إلى جرعات ومبيت داخل المستشفى"، بحسب د. ثابت.

عودة تدريجية

وأكمل: بدءً من الأسبوع المقبل سيشعر المرضى بتغير كبير وعودة تدريجية إلى النظام السابق في تقديم العلاج، مشيرًا إلى أن بعض الحالات تم تأجيلها لكن الذين بحاجة إلى علاج كيماوي لا نستطيع تأخيرهم.

واستدرك الطبيب ثابت أن تقديم العلاج تم بعد اتباع جميع إجراءات الوقاية التي تضمن عدم انتقال الفيروس أو إصابة أحد من مرضى السرطان.

ويتراوح المتوسط الشهري للحالات المصابة بمرض السرطان شهريا، بين 120-130 حالة، بحسب د. ثابت، الذي أشار إلى أن هذا العدد في ازدياد مستمر.

وفي القطاع الساحلي؛ لا يتوفر لآلاف مرضى السرطان سوى العلاج بالجرعات الكيماوية، فيما يحتاج الكثير من هؤلاء إلى علاج اشعاعي، يتوفر في مستشفيات خارج غزة، وهو ما يضطر إلى إجراء التحويلات اللازمة لعلاج المرضى في مستشفى المطلع بالقدس المحتلة، لكن ذلك أصبح صعبًا بسبب تداعيات جائحة فيروس "كورونا"، بحسب ثابت.

وذكر أن أجهزة المسح الذري غير المتوفرة بغزة تساعد في تدقيق التشخيص لبعض الحالات المصابة بالسرطان، ومعرفة مدى انتشار الورم.

وقدم ثابت إحصائيات تتعلق بانتشار السرطان بغزة، مبينًا أن 90 مريضًا لكل 100 ألف نسمة في القطاع، مؤكدًا أن هذا العدد كبير جدًا بالنسبة لإمكانيات وزارة الصحة بغزة، مبينًا أن مستشفى الرنتيسي يغطي محافظات الشمال وغزة والوسطى بنسبة 70 بالمئة من مرضى السرطان، والمستشفى الأوروبي يغطي المرضى في محافظتي خان يونس ورفح بنسبة 30 بالمئة من المصابين، جنوبًا.

أما فيما يتعلق بأنواع السرطان المنتشرة بغزة، أوضح د. ثابت، أن سرطان الثدي هو الأكثر انتشارًا بين النساء، يتلوه سرطان القولون، ثم السرطانات الليمفاوية. أما بالنسبة للرجال، فإن النوع الأول المنتشر بينهم سرطان القولون يتلوه سرطان الرئتين ثم السرطانات الليمفاوية.

وقال: إن سرطان القولون يأتي بالدرجة الثانية بعد سرطان الثدي انتشارًا بين المصابين عمومًا، وهذا الأمر له علاقة بالتلوث المنتشر في غزة، ومرتبط بنظام الطعام ومدى احتوائه على الفواكه والخضراوات.

أما نسبة إصابة الأطفال بالسرطان، فهي تشكل 8 بالمئة من إجمالي الإصابات، وفق ثابت؛ مخاطبًا مرضى السرطان: "أنتم أمانة في أعناقنا، وسنعمل المستحيل حتى تتلقون العلاج في الوقت المحدد".