وارتحلت قامة أخرى كبيرة من الرعيل الأول للحركة الإسلامية في فلسطين، الحاج خضر موسى إسماعيل صقر، ابن قرية البطانة الغربي إلى الجنوب من يافا بنحو 35كم، عام 1936م.
وهاجرت أسرته بعد النكبة إلى خان يونس في قطاع غزة، ثم ارتحل إلى الكويت في ستينيات القرن الماضي وعمل فيها مدرسًا للغة العربية، وخرّج أجيالًا كثيرة هناك.
كان للحاج خضر أبي محمد دور مذكور كبير يعرفه المؤسسون الأوائل وكوادر الصفوف الأولى والثانية في الكويت حيث نشأ العمل الإسلامي لفلسطين، وبقي منخرطًا في سائر الأعمال التنظيمية في الكويت، وتتلمذ الكثيرون على يده ورافقوه في مسيرته، ثم أكمل رسالته في السودان حيث شغل فيها مواقع عدة من أبرزها رئاسته للجالية الفلسطينية منذ تشكيلها أوائل التسعينيات، ولا سيما مع خروج أعداد كبيرة من الفلسطينيين من الكويت عقب الاجتياح العراقي للكويت، وعمل الحاج مديرًا لصندوق الطالب الفلسطيني وكان في غاية الاعتناء بطلاب فلسطين وعائلاتهم في السودان، وكان أيضًا على رأس مؤسسات عديدة معلنة وغير معلنة.
كان الحاج خضر من أبرز الشخصيات الدعوية التي يجمِع عليها الناس، فقد كان محبوبًا مَرْضيًّا من الجميع، ولا أكاد أعرف أحدًا تكلم فيه بسوء، وكان محسنًا كريمًا عظيم البر؛ وكان من حمامات المسجد، ولم يقعِده عنه إلا شدة المرض، إلا أنه ظل قويًّا على عبادته وذكره رغم شدة حاله.
وكان مقصد الفلسطينيين وأكثر العرب في السودان يصلح بينهم ويجمعهم في خير ويشاركهم في مناسباتهم؛ وأذْكر عنه رحمه الله كيف كان يطوف بسيارته مع زوجه الحاجة أم محمد فتحية خريس رحمها الله يزورون الناس ويتعرفون أحوالهم، وكان يكون معهم غالبًا الحاج أبو سامي جامع أبو الروس وزوجه رحمهما الله.
ابتلي الحاج خضر رحمه الله بفقدان سمعه بعد عدة عمليات جراحية منتصف العقد الأول من الألفية الثانية، واشتد ضعف بصره، وضعف جسده ولا سيما مع شدة وطأة السكر عليه، فصبر واحتسب حتى وافاه الأجل المحتوم صباح الاثنين السابع من سبتمبر 2020.
وقد أكرمني الله بمصاهرته والزواج من ابنته أم عمر صبّرها الله وأعظم أجرها، وبالغ العزاء لأسرته محمد وأحمد ومحمود وإبراهيم، وبناته أم أنس وأم عمرو وأم أنس، ولجميع أهله وأسرته، ولإخوانه ورفقاء دربه وتلاميذه، ولفلسطين والسودان والكويت التي عرفته مربيًا ومعلمًا وقائدًا
رحمه الله وتقبله في الصالحين وأكرم نزله وأعظم أجره.