بينما تحتفل الإمارات باتفاق (أبراهام) يعمل نتنياهو على منع الإمارات من الحصول على طائرات (إف-٣٥) الأمريكية المتقدمة. حاولت الصحف المعادية لنتنياهو أن تروج أنه باتفاقه مع الإمارات وتسهيله حصول الأخيرة على الطائرات المتقدمة يعرض أمن دولة (إسرائيل) للخطر؟! بعد قليل من الشغب الذي يبدو أنه يهدف لتلميع صورة نتنياهو، خرج الأخير للرأي الإسرائيلي ليخبرهم أنه يعمل مع رجال إسرائيل في الكونجرس لمنع الإمارات من الحصول على الطائرة المتقدمة لأنها تقوض التفوق النوعي الإسرائيلي.
لعبة السلاح هذه لعبة مختلقة، من طرفي الاتفاق والصحافة، لوضع بهارات تجعل من صفقة الاتفاق طبخة لذيذة المذاق، ومبررة عربيًّا، وكأن الإمارات المتحدة تواجه عدوًّا شرسًا يهدد أمنها، ومن ثم هي في مسيس الحاجة لهذه الطائرات، ولو على حساب المصالح الفلسطينية! أي أن مغامرة الإمارات تستهدف الدفاع عن النفس، ولا تستهدف الخروج على الإجماع العربي، ولا تستهدف الإضرار بالفلسطينيين.
من بحث عن المبررات للدفاع عما يفعل لن يعدم هذه المبررات، بل هو يجد منها في جعبته الكثير، لا سيما أن الخليج يرى أنه يقع في منطقة توتر دائم مع إيران وأطماعها في المنطقة، وحرصها على تصدير ثروتها، وتقويض أنظمة الحكم في الخليج، وهذا في نظرهم ليس هو الخطر الوحيد بل ثمة خطر أوسع يتمثل في أطماع الدول الكبرى بثروات الخليج. هذا دفاع جيد، وقد يكون مقبولًا، ولكن أليس (لإسرائيل) أطماع ما في الخليج العربي؟! ثم هل يمكن (لإسرائيل) أن تكون رجل دفاع عن دول الخليج أمام التهديدات الإيرانية والأطماع الدولية؟! هل باتت (إسرائيل) الصديق الحكيم الوفي الذي يهتم بمصالح الخليج؟!
ثم ماذا سيقول رجال الخليج غدًا إذا ما تمكنت (إسرائيل) من إجراء مصالحة مع إيران، وعادت العلاقة بينهما على ما نحو ما كانت فيه في زمن شاه رضا بهلوي قبل الثورة الإيرانية؟! هل ثمة استحالة لهذه المصالحة، أم هي فرضية ممكنة؟ وإذا كانت ممكنة فماذا أعدت دول الخليج لهذه الإمكانية المحتملة. والأسهل من ذلك نقول ماذا لو أجرت الإمارات مصالحة مع إيران نفسها؟ وهي مصالحة ليست مستحيلة، فهل تبقى الإمارات في حاجة لإسرائيل؟!
ما أريد قوله: إن الإمارات ليست في حاجة للدفاع عما قامت به، ولكن ما يجدر بها التفكير العميق به هو هل يمكن (لإسرائيل) أن تكون صديقًا موثوقًا، وجارًا مدافعًا عن المنطقة ضد الأطماع الدولية؟! إذا كانت (إسرائيل) جارة وصديقة، فلماذا لا تكرم أصدقاءها برفع احتلالها للضفة والقدس والجولان؟! ولماذا أنكر نتنياهو توقفه عن مشروع ضم الضفة للسيادة الإسرائيلية؟! والأسهل من ذلك لماذا لا ترفع (إسرائيل) حصارها عن غزة؟!
(إسرائيل) ليست جارة؟! (إسرائيل) دولة محتلة؟! (إسرائيل) لها أطماع في الخليج تتفوق على أطماع إيران التي يراها الخليجيون أطماعًا كبيرة؟! (إسرائيل) جزء من الدول الاستعمارية الغربية، بل هي الوريث الأول لهذه الأطماع، لذا هي تمتلك السلاح المتفوق، وتمنع الإمارات وغيرها من الحصول على أسلحة متقدمة من أمريكا وغيرها. غدا ربما يصل الخليجيون إلى الحقيقة؟!