فلسطين أون لاين

تطلُّع إسرائيلي لاستغلال اتفاق الإمارات للتسوية مع الفلسطينيين

يتساءل الإسرائيليون حول ماهية الاتفاق الأخير مع الإمارات هل هو تكتيكي أم استراتيجي؟ في ظل صدور موجة من التفسيرات للاتفاق بشأن من كسب وخسر من هذا التطور الجديد، لأن معظم المعلقين طرحوا الاتفاق على أنه إنجاز إسرائيلي وأمريكي وإماراتي، وفي الوقت ذاته خسارة فلسطينية، لكن القراءات ما زالت بعيدة لمعرفة مغزى الاتفاقية على المدى الطويل بالنسبة لإسرائيل.

ينظر الإسرائيليون إلى الاتفاق على أن إمكاناته إيجابية للغاية من وجهة نظرهم، وقد يُستغل لتعزيز اتفاق مع الفلسطينيين، القضية الأكثر استراتيجية ووجودية لإسرائيل، ومن ناحية أخرى، قد يتسبب الاتفاق في ضرر إذا حاولت تلك الأطراف استخدامه للالتفاف على القضية الفلسطينية، وإهمالها.

صحيح أن الاتفاق بين إسرائيل والإمارات، يقدم إنجازات للأولى، فالعلاقات السياسية والاقتصادية مع الثانية مهمة، لكنها ليست كافية، وقد يصبح الاتفاق إنجازاً استراتيجياً إذا لعبت الإمارات دوراً مفيداً بحل الصراع مع السلطة الفلسطينية، وإلا فإن البديل هو إضعافها، وتقوية حماس، وهذا هو سر التخوف الإسرائيلي، ولذلك فإذا كانت الإمارات متعلمة لممارسة نفوذها بإنتاج أدوات لتعزيز تسوية إسرائيلية فلسطينية بروح المبادرة العربية لعام 2002، فإن المنفعة التكتيكية لاتفاقها مع إسرائيل ستصبح استراتيجية.

تعتقد الأوساط الإسرائيلية أن الإمارات كيان صغير، لكن تأثيرها كبير، وزعيمها محمد بن زايد له صلات مهمة مع العديد من اللاعبين على الساحة الدولية: جيراد كوشنر في الولايات المتحدة، محمد بن سلمان في السعودية، محمد دحلان في الساحة الفلسطينية، السفير رون دريمر، والقادة اليهود الأمريكيين، كما أن الإمارات لها تأثير اقتصادي على قطاع الأعمال الإسرائيلي، وإمكانية أن يكون لها تأثير إيجابي للغاية على تنمية السلطة الفلسطينية.

التقدير الإسرائيلي يرى أن الاتفاق مع الإمارات سيتحول من إنجاز تكتيكي إلى ضرر استراتيجي إذا استغله نتنياهو وترامب لعدم إيجاد حل للقضية الفلسطينية، بزعم أن التطبيع الإقليمي قد يتحقق في غياب التسوية، صحيح أن التطبيع مهم بالفعل لإسرائيل، لكنه لن ينقذها من مأساة دولة ثنائية القومية، لأن خطوة الإمارات سلطت الضوء على قبول إسرائيل في الفضاء الإقليمي، شرط قبول حل الدولتين مع الفلسطينيين.

التطلع الإماراتي للاتصال العلني بإسرائيل، قد يتزامن مع تهيئة الساحة الإقليمية بأكملها لأن تكون جاهزة للترويج لتسوية إسرائيلية فلسطينية تتماشى مع المصالح الإسرائيلية، وقد تكون المبادرة العربية أساسًا للمفاوضات.

كل ذلك يؤكد أن الاتفاق مع الإمارات يتطلب وجود قيادة سياسية إسرائيلية قادرة على استغلال السياق الإقليمي الإيجابي الجديد لإنقاذ إسرائيل من الوضع الراهن، خشية أن يقودنا لدولة ثنائية القومية، التي تعني نهاية الحلم الصهيوني أخلاقياً وديموغرافياً، ومن المأمول أن يجلب الاتفاق مع الإمارات تعزيز حل الدولتين مع الفلسطينيين، والاندماج الحقيقي لإسرائيل في الشرق الأوسط.