لم أُفاجأ بوصول أول طائرة ركاب إسرائيلية إلى مطار الإمارات العربية المتحدة. ولم أفاجأ أن تحمل الطائرة المستشار الأميركي لزعيم البيت الأبيض كوشنير، صهر الرئيس الأمريكي ويهودي العقيدة. ولم أفاجأ في قرار السعودية السماح للطائرة بالمرور فوق الأراضي السعودية، وفي أجوائها، ليس بغرض اختصار الزمن كعربون صداقة، ولكن كخطوة تستجيب للمطالب الأميركية الإسرائيلية، وتمهد الطريق للانضمام إلى ركب المطبعين لاحقا. ولم أفاجأ في ترحيب بعض القادة العرب بهذه الرحلة التي سماها كوشنير الرحلة التاريخية؟!
لماذا لم أفاجأ؟! وما الذي فاجأني؟!
الجواب: لم أفاجأ لأن اتفاق ( أبراهام إسرائيل الإمارات) أوسع من ذلك بكثير، فما دام الاتفاق ينص على الاعتراف، والتطبيع، وتبادل السفراء، وتشجيع التجارة، وتبادل الخبرات، فهذا يعني أن حركة نشطة من الطيران التجاري والسياحي ستكون لا محالة بين الدولتين، ولهذا النشاط بداية. وطائرة (كريات جات) هي البداية؟!
وأما الذي فاجأني فأن تسمي (إسرائيل) الطائرة هذه ( بكريات جات) وهي اسم المستوطنة اليهودية التي أقامتها (إسرائيل) بعد هزيمة العرب في عام ١٩٤٨م على أرض الفالوجا وعراق المنشية في فلسطين المحتلة. وفي هذه التسمية إشارة رمزية تنشر فيها قيادة تل أبيب الثقة بين اليهود في (إسرائيل)، وتذكر العرب بالهزيمة، وتؤكد تمسك دولة الاحتلال بالاستيطان والاحتلال؟! وهذه المعاني الرمزية هي بعض من كل ما يجري في ذهن مطلقي هذه التسمية؟! وهنا سألني صديقي: ما اسم الطائرة الإماراتية الأولى التي ستصل مطار ابن غوريون بعد الاتفاق؟! ثم قال: هل يمكن أن تكون القدس، أم الأقصى، أم ماذا؟! قلت لا أدري، ومن قال لا أدري فقد أفتى. والغد قريب وعليكم الانتظار!
أما مرور الطائرة في الأجواء السعودية، في رحلة أولى من ثلاث ساعات بدلا من ثماني ساعات، فهو أمر ربما يشير إلى وثيق الشراكة بين المملكة والإمارات، كما يشير إلى ما قاله نتنياهو إن التطبيع مع المملكة قادم! ولست أدري هل تواصل رجال المملكة مرحبين برجال الطائرة عند مرورها في الأجواء السعودية أم لا؟! غدا يقول مجتهد ما يعرف!
أكتب ما تقدم آنفا عما حدث أمس بألم يعتصر القلب، ويشحذ القلم على كتابة اليأس، ولكن معرفتي بربي، وقربي منه، يجعلانني أنبذ اليأس، وأترفع عن السباب، ومن ثم أقول والله الموفق: إن ما حدث، وما سيحدث قريبا في هذا المجال، هو مؤلم ولكنه يحمل خيرا لفلسطين بشكل غير متوقع، وإن غدا لناظره قريب، وعندها سيفرح سكان فلسطين المحتلة بنصر المؤمنين والشعوب التي جبلت على حب القدس، وفداء الأقصى، ورفض الاحتلال.