التجارب العالمية في مواجهة وباء كورونا أفقدت دولًا كثيرة العديد من قدراتها الاقتصادية والطبية، وأنهكت مقومات القطاعات الأخرى التي تأثرت فعلياً بتفشي الوباء وعدم السيطرة عليه، وهو ما ساهم إلى حد كبير في وصف الوباء بـــ"الجائحة".
الدراسات العلمية والتقارير التي صدرت عن منظمة الصحة العالمية وعن منظمات دولية أخرى، لم تتحدث عن بارقة أمل حقيقية في التوصل إلى لقاح فعال يُنهي هذه الأزمة خلال مدة زمنية محدودة، ولن تجد مخرجاً ليسجل ممراً آمناً لإنقاذ الشعوب، بل ما يتم جدولته عبر تلك الدراسات والتقارير هي إجراءات وقائية لحماية الفرد والمجتمع، كخطوة أولى في كسر السلسة الوبائية التي تمتد بين الشعوب وبسرعة غير متناهية.
في علوم الفايروسات والأوبئة يقول الخبراء إنّ هناك سلسلة فيروسية تمتد من المصاب رقم (1) إلى كل المصابين بالفايروس، تتصل السلسلة باختلاط السكان ببعضهم البعض، فتمتد لتصيب أكبر عدد منهم، وهم ما يشار إليهم بـــــ"المخالطين"، فقد رأت الأبحاث الدولية أن كسر السلسلة هو الخيار الوحيد لمقاومة الوباء والحد منه، بل ومحاصرته في بؤر التفشي. كسر السلسلة هو التباعد الاجتماعي، والعزل المنزلي، وعدم الاختلاط، واتباع إجراءات الوقاية التامة التي أصدرتها منظمة الصحة العالمية للحفاظ على مستوى محدود من الإصابات بين السكان حتى يبدأ مؤشر الإصابات في الانحدار شيئاً فشيئاً.
الإجراءات السابقة بحاجة لتعاون الجميع، فالمسؤولية لا تنحصر على فرق الطوارئ بوزارتي الصحة والداخلية، بل هي بالدرجة الأولى مسؤولية الشعوب، وهي مسؤولية شعبنا الفلسطيني بكل مكوناته، وبالتالي لا بد من تعزيز الوعي بين فئات المجتمع، والتركيز على الفئات التي تتجاهل فاعلية الفايروس وأثره السلبي على مقومات ومقدرات القطاع، فهم بحاجة لمعرفة تداعياته الخطيرة على الصحة العامة وعلى القطاع الاقتصادي وغيره من القطاعات الأخرى.
الوعي هو تعزيز العلاقة بين المواطنين وفرق الطوارئ الأمنية والصحية، وهو حالة من التكامل في العمل والواجب الوطني وتبادل الأدوار في سبيل الحفاظ على أمن وسلامة المجتمع الفلسطيني كاملاً، والخروج من الأزمة بأقل التكاليف البشرية والمادية.