فلسطين أون لاين

التزام المنزل واجب شرعي.. ودور الأئمة بث الطمأنينة

...
غزة- هدى الدلو

بعد أن تسلل فيروس كورونا المنتشر في كثير من دول العالم إلى قطاع غزة، واستدعى من الجهات الحكومية أخذ التدابير اللازمة لمنع تفشي هذا المرض، وفرض حظر تجوال، ما  الواجب الشرعي الذي يقع على المواطنين؟، وما دور الوعاظ والخطباء في تلك الأزمة؟
الأستاذ المشارك في الفقه وأصوله بكلية الشريعة والقانون في الجامعة الإسلامية د. زياد مقداد يتحدث إلى صحيفة "فلسطين" بأن فيروس كورونا يغزو بلدًا تلو الآخر لتكون إحدى محطاته قطاع غزة بفلسطين، فهذا القطاع توالت عليه المصائب والمحن ما ظهر منها وما بطن.
ويفصل: "الحصار منذ 14 عامًا، والفقر يضرب أطنابه والبطالة، إضافة إلى ضغط الاحتلال الإسرائيلي وقصفه الجولة بعد الجولة وتدميره المنشآت والبيوت والبنى التحتية، وتحت كل هذه الظروف الصعبة يهاجم كورونا القطاع فيصيب أعدادًا لتبدأ المخاوف في صفوف بعضٍ ويصبح أحد التحديات التي تواجه غزة".
ويوضح مقداد أنه في هذه الظروف العصيبة التي دهم فيها هذا الفيروس القطاع لا بد أن يتحمل الجميع مسؤولياته نحو هذه المحنة لمواجهة هذا الوباء الخبيث، مبينًا أهمية دور وزارة الصحة والجهات المختصة في توجيه الناس وإلزامهم بالأخذ بإجراءات السلامة والوقاية، وأصحاب المحال التجارية ومصانع الغذاء واجبهم ألا يستغلوا أو يحتكروا.
ويقول: "أما العلماء والدعاة فلهم دور نحو أبناء بلدهم مع بدء انتشار هذا الوباء وتفشيه، وذلك بالبيان للناس أن كل ما يدور ويحدث في هذا الكون إنما يحدث بأمر الله وحكمته وتقديره، وأن الله هو أرحم الراحمين وأحكم الحاكمين، وأن ما أصابهم لم يكن ليخطئهم وما أخطأهم لم يكن ليصيبهم".
ويضيف مقداد: "كذلك عليهم أن يطمئنوا الناس ويبشروهم بجوانب الخير التي تكون مع الابتلاءات عمومًا ومع الأوبئة والأمراض خصوصًا، فيبينوا مثلًا أن أشد الناس ابتلاء هم الأنبياء ثم من يلونهم، وأن من يصبر على هذه الابتلاءات دون سخط أو تذمر أو تضجر يكتب الله له من الأجر العظيم ويمحو عنه الذنوب والخطايا".
ويشير إلى أن عليهم أن يبينوا لهم أن الصبر على الوباء يعطي الله صاحبه من الأجر ما يعطي الشهيد، وكذلك من مسؤولية العلماء أن يرشدوا الناس إلى التوجه إلى الله (عز وجل) بالدعاء ليكشف المحنة ويزيل الوباء ويشفي المرضى والمصابين.
وكما عليهم أيضًا أن يعلموهم بعض الأدعية المأثورة حال تفشي الوباء مثل: "اللهم إنا نعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيئ الأسقام"، و"بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم"، و"اللهم اصرف عنا الوباء والبلاء"، وغير ذلك من الأدعية الخاصة والعامة التي تربط الناس بربهم وتطمئن قلوبهم وتقوي عزائمهم وتشجعهم على مواجهة الوباء بكل همة وعزيمة وإصرار.
وفي فتوى للأستاذ الدكتور في الشريعة والقانون سلمان الداية عن حكم الالتزام بالإجراءات الاحترازية الصادرة عن الجهات الرسمية، كمنع الناس من الخروج من منازلهم بسبب وباء كورونا، أكد أن الالتزام بتلك التوجيهات واجب شرعي، ومن عاند فهو آثم.
الالتزام بالتوجيهات
ونشرت الصفحة الخاصة لوزارة الأوقاف والشئون الدينية في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) للدكتور الداعية والخطيب موسى أبو جليدان أن أقل ما يجبُ على المواطنِ في هذه المِحْنة أنْ يلتزم بالتوجيهات الصادرةِ من الجهات المختصة، فيستجيبُ للإرشادات، ويحذر التجمُّعات والمخالطات، ويلزمُ بيتَه اتقاءَ الأوبئةِ والآفات، فهذا من التعاونِ الواجب المحمود، والتناصرِ اللازمِ المشهود {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:2] ، وأنَّ بثَّ الإشاعة بضاعة الشيطان، وهي من التعاون على الإثم والعدوان.
بدوره يبين العضو الاستشاري لرابطة علماء فلسطين أحمد زمارة أن الإسلام جاء ليحافظ على حياة الإنسان الذي هو خليفة الله في أرضه، وفضله عن سائر المخلوقات، ومن هذا الباب جاء التوجيه الإلهي والنبوي أن يحافظ المسلم على حياته.
ويقول زمارة: "في حجة الوداع قال النبي (صلى الله عليه وسلم): "لهدم الكعبة حجرًا حجرًا أهون عند الله من إراقة دم امرئ مسلم"، ويدخل في هذا النهي من يعرض نفسه للموت عمدًا وعصبًا كالمنتحر، وأيضًا من يعرض نفسه لموطن يشتبه فيه بانتقال عدوى فيروس كورونا، فعمر بن الخطاب عندما جاء إلى بلاد الشام وكان الطاعون وقف على ربوة من الأرض وامتنع عن دخول الشام، فقالوا له: "أتفر من قدر الله يا عمر؟!"، فقال لهم: "أفر من قدر الله إلى قدر الله"، ومن هنا يجب على المسلم أن يحافظ على نفسه ويبتعد عن مواطن اشتباه المرض، وبعد ظهور حالات لا بد أن نكون أشد التزامًا وحذرًا، ونحافظ على أهلنا وأبنائنا ولا نعرضهم للخطر".
ويذكر حديث رسول الله (عليه الصلاة والسلام) أنه قال: "ما من عبد يجلس صابرًا محتسبًا إذا انتشر الطاعون فيموت يوم أن يموت فله أجر شهيد"، مؤكدًا أن على الجميع الالتزام بإجراءات الجهات الرسمية.