سألني صديق: هل ثمة معطى ديني في اتفاق الإمارات و(إسرائيل)؟ قلت: نعم، فعنوان الاتفاق أبراهام، أو إبراهيم، بالعبرية والعربية، وهم يقصدون نبي الله إبراهيم، أبا الأنبياء. هم قرروا أن يشهروا الاتفاق بهذا الاسم، مستحضرين أبا الأنبياء إبراهيم عليه السلام.
لماذا هذا الاستحضار؟ ومن المعلوم أن ابن زايد يجافي التدين، ويحارب المتدينين، سواء أكانوا إخوانا، أم غير إخوان. ولست أدري ما هي أسباب القطيعة بينه وبين الدين، أو قل بينه وبين المتدينين، في حين عاش هو في حضن الشيخ زايد رحمه الله، الذي له في غزة مسجد باسمه، قام على بنائه، وله مدينة باسم مدينة الشيخ زايد خصصها لأسر الشهداء والفقراء، ويعد المسجد والمدينة من المعالم البارزة في قطاع غزة.
وغني عن القول أن نقول إن للشيخ زايد مسجدا ومدينة في مصر، وربما في بلاد عربية أخرى. كان الشيخ فيما توافر لي من معلومات يحب الإسلام ويكره الشيوعية والإلحاد. لذا أطلق عليه حسني مبارك حكيم العرب في أزمة صدام مع بوش الابن.
نعود إلى الاسم كمعطى ديني اتخذته الأطراف علامة ذات دلالة على إشهار الاتفاق، توحي بأن الأطراف تتمسك بإبراهيم عليه السلام أبًا للجميع، بما يوحي أنهم يعترفون بعضهم لبعض بصلة قرابة، إبراهيم الجدّ بحسب مقاربتهم أب لليهودي، وللنصراني، وللعربي، لذا لماذا النزاع والصراع بين الأقارب، وفي العودة إلى الجذور منجاة للأطراف جميعا، أو هكذا يدعون ويظنون.
فهل نحن أمام مشروع وحدة أديان، تجمع الأديان الثلاثة على حدّ من قال بتعدد الأديان؟! إذا كان الاتفاق عنوانا لوحدة الأديان، فنحن أمام اتفاق يتجاوز فلسطين كقضية، ويتجاوز التطبيع الثقافي، ويخترق الحدود الدينية الفاصلة بين الإسلام واليهودية والنصرانية.
في القرآن وآياته المحكمة ما يفيد بأن إبراهيم عليه السلام لم يكن يهوديا ولا نصرانيا، بل كان حنيفا مسلما، وعليه فإن المعطى الديني من التسمية والإشهار يخالف المعطى الديني المستفاد من القرآن وآياته المحكمات، ومن ثمة حكم بعض العلماء بالقول :
إن في الإشهار تجديفا دينيا هو من صناعة اليهودية والنصرانية، ولا أظن أن الطرف الإماراتي فكر في هذه القضية، وأظنها من تجديفات نتنياهو الأيدولوجية، التي لم تجد معارضة من الطرف الإماراتي لعدم الاهتمام بها.
أبراهام اتفاق سياسي، اقتصادي، وليس اتفاقا دينيا، كما أنه اتفاق تعاون وتطبيع، وليس اتفاق سلام، لأن الإمارات ليست في حرب مع (إسرائيل)، وليست دولة تماس حدودي مع فلسطين المحتلة، ومن الخطأ تعريفه باتفاق سلام!