فلسطين أون لاين

التحقيق في جرائم الاحتلال.. بارقة أمل يطفئها تأجيل "الجنائية الدولية"

...
(أرشيف)
رام الله- غزة/ أدهم الشريف-فاطمة العويني

في يوليو/ تموز الماضي، شكل إمكان بدء المحكمة الجنائية الدولية في "لاهاي" التحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية، بارقة أمل للشعب الفلسطيني لملاحقة قادة الاحتلال على ما ارتكبوه بحقهم طيلة السنوات الماضية، لكن هذا الأمل بدأ يخبو مجددًا مع عدم إعلان الجنائية خطواتها الأولى للتحقيق.

وكانت "الجنائية" خرجت في عطلة قضائية الشهر الماضي، انتهت في 10 أغسطس/آب الحالي، ومع ذلك لم يستبعد حقوقيون اتخاذ قرار بالسماح للمدعية العامة بالمضي قدمًا بالتحقيق في يوليو أو أغسطس من العام الجاري، لكن إجازة المحكمة انتهت ولم يصدر عنها شيء.

وقال مدير مؤسسة "الحق" الحقوقي شعوان جبارين، "إن تأخر المحكمة في إصدار قرارها البدء في التحقيق والتأخير في ذلك، صراحة غير مفهوم أو مبرر بالنسبة لنا".

وأوضح جبارين في تصريح لصحيفة "فلسطين"، أمس، أن بدء الجنائية في التحقيق في جرائم (إسرائيل) كان متوقعًا قبل الإجازة القضائية، وها قد انتهت الإجازة ولم يصدر أي شيء عنها.

ويرى أن هذا التأخير غير المبرر يثير تساؤلات عن الأسباب التي تدفع المحكمة لذلك، "وهي إجابات غير معروفة لدينا".

وذكر أن فلسطين ومن خلال وزارة الخارجية بعثت الشهر الماضي، رسالة رسمية إلى قلم المحكمة، ولم يصل منه أي رد.

وذهب إلى القول: "المجرم يترقب قرار المحكمة البدء بالتحقيق من عدمه، ولكننا نترقب ترقب طالب العدالة، وهناك فرق شاسع بين الضحية والمجرم الجلاد الذي يريد أن يخفي جريمته".

وبدأ سريان صلاحية الجنائية الدولية في التحقيق بجرائم الاحتلال وفق ما لديها من معطيات، في 13 يونيو/ حزيران 2014، أي قبل أسابيع من الحرب العدوانية على غزة صيف ذلك العام، والذي راح ضحيته أكثر من (2200) شهيد، وأزيد من (5) آلاف إصابة، فضلاً عن تدمير البنية التحتية للقطاع المحاصر الذي يسكنه حاليًّا أكثر من مليوني نسمة.

جسم سياسي

ويقول الخبير بالقانون الدولي حنا عيسى، أن محكمة "الجنايات الدولية" في شكلها الخارجي قانونية لكن جوهرها سياسي، بدليل عدم قدرتها على التحقيق بجرائم الحرب الأمريكية في أفغانستان عام 2003، وتذرع الدائرة البدائية الأولى في المحكمة، بأن الظروف لا تسمح بإجراء تحقيق لأن الأوضاع السياسية هناك غير مستقرة.

وأضاف لصحيفة "فلسطين"، أن الأمر يتكرر مع الشعب الفلسطيني، فالدائرة ذاتها تتحجج بأن عدد أوراق المذكرة الفلسطينية كبير، متسائلًا: "ما علاقة ذلك بفتح تحقيق من عدمه ما دام أمام القضاة بيانات دامغة على ارتكاب الاحتلال الإسرائيلي جرائم حرب عام 2014؟ "من الواضح أن الجنائية تماطل ولا تريد التحقيق".

وفي الوقت نفسه يرى عيسى أن المحكمة "مغلوب على أمرها"، فالدول الكبرى مثل: أمريكا والصين والهند ليست أعضاء فيها، وهي دول تمثل زخمًا سكانيًّا وقوة مؤثرة في السياسية العالمية، وتمارس ضغوطات سياسية على المحكمة، لا سيما من أمريكا لمنعها من إجراء تحقيقات دولية وفق نظام روما 1998.

ويعتقد الخبير بالقانون الدولي أن ذلك لا يجعل منفذًا أمام الفلسطينيين سوى اللجوء لـ"مجلس الأمن الدولي" وحينها أيضًا سيصطدمون بـ"الفيتو الأمريكي"، مستدركًا: "لكن يجب ألا يمنعنا ذلك من الاحتفاظ بهذه الملفات لأن الجرائم لا تسقط بالتقادم، وستأتي اللحظة التي يعاقب فيها مجرمو الحرب الإسرائيليين".

غياب الموضوعية القانونية

بدوره عدَّ المحلل السياسي تيسير محيسن، اعتراض القضاة على طلب المدعية العامة لـ"الجنائية" بفتح تحقيق بشأن جرائم الاحتلال بسبب شكل المذكرة القانونية "واهٍ ولم يعتمد على حيثيات موضوعية".

وقال محيسن لصحيفة "فلسطين": "هذا موقف ذو بعد سياسي لقضاة المحكمة وينسجم إلى حدٍّ كبير مع الموقف الإسرائيلي الأمريكي".

وأضاف: "تمارس (إسرائيل) جهدًا دبلوماسيًّا كبيرًا لثني المحكمة عن التعاطي مع مطلب المدعية العامة، ويتوقع أن تنجح هذه الجهود في تفريغ محتوى طلب المدعية العامة من مضمونه القانوني".

وأكد محيسن أن ما يفعله قضاة الجنائية الدولية يعزز من شهية الاحتلال لتنفيذ خطة الاستيلاء على ثلث أراضي الضفة الغربية المحتلة، وتوسيع الاستيطان، ومواصلة عمليات الإعدام الميدانية للمواطنين الفلسطينيين، وغيرها من الجرائم.