مع تزاحم الأحداث الأمنية والتطورات العسكرية التي تشهدها المنطقة، لاسيما في الشهور الأخيرة، ترى الدوائر الاستراتيجية الإسرائيلية أنه من أجل مواجهة هذه الأخطار، فإن رغبة الجيش الإسرائيلي تذهب باتجاه احتواء الأحداث، ومنع التصعيد، رغم أن ذلك قد يتعارض مع الحاجة لإحباط النشاط المعادي، وخلق الردع، دون أن ننسى حق القوى المناهضة للاحتلال، تنظيمات أو دولا، في أخذ دورها من هذه المعادلة.
مع العلم أن قدرة الجيش الإسرائيلي تعتمد على الجمع بين قوات الحشد والقوات الجوية والقوات البرية، التي تستخدم وسائل قيادة وسيطرة متقدمة، لضرب القوى المعادية لها بشكل فعال، للعمل على ردعها دائما، وهو ما يفهمه أعداء إسرائيل في الجبهات المحيطة بها.
في بعض الحالات، كما حدث مؤخرا على الحدود مع سوريا، تنشأ حالة من التوتر داخل القيادة الإسرائيلية بين الرغبة في احتواء الأحداث، من أجل تهدئة التوترات، وتجنب التصعيد، وضرورة إحباط النشاط العدائي، وإرسال رسالة رادعة، وهنا تقع مسؤولية موازنة هذه التوترات وقبل كل شيء على عاتق قائد القيادة العسكرية.
تنبع الرغبة الإسرائيلية في تجنب التصعيد من الرغبة في تجنب تعبئة الاحتياطيات؛ بسبب الخوف من العدوى الجماعية في كورونا، ناهيك عن أن أعداءها في وضع قد يرغبون فيه في القتال طيلة أيام عديدة، أو يحضرون لها ما هو أسوأ، كما أن حقيقة أن المنطقة الشمالية مكتظة بالسائحين والمصطافين خلال هذه الفترة تضع متغيرا آخر في المعادلة يجب أن يؤخذ في الاعتبار.
حتى العدو الذي تخوض معه إسرائيل المواجهة العسكرية، وهم كما ذكرنا أعلاه، تنظيمات عصابية أو دولا نظامية، "لهم الحق في التصويت خلال هذه الجولة"، وهي عادة لا تختار التصرف كما يشاء الجيش الإسرائيلي، وبالتالي، ورغم الواقع المعقد، ترى إسرائيل أن مثل هذه الأحداث تطرح دائما معضلة سلسلة الإجراءات التي تلحق الأذى بهؤلاء الأعداء، الذين يهددون إسرائيل بصورة دائمة.
في بحث الجبهات المعادية المحيطة بإسرائيل، يمكن التأكيد أن سوريا ليست لبنان، والأراضي الفلسطينية ليست إيران، كما أن غزة ليست الضفة، فقواعد اللعبة، وحرية العمل التي يتمتع بها الجيش الإسرائيلي في أي ساحة، تختلف عن تلك التي تعمل فيها فرق عسكرية أخرى، ولا يوجد حل مدرسي لكل سيناريو منها، لأنه في مكان واحد قد تكون هناك حاجة لإجابة من نوع واحد، وفي مكان آخر إجابة مختلفة.
الخلاصة لدى إسرائيل وأعدائها تكمن في العودة لقاعدة الحكماء المعروفة "قل القليل وافعل الكثير"، وتجنب مهرجانات الإعلام التي ستعزز الشعور بإذلال العدو لمواصلة الجولة الحالية من المواجهة العسكرية المتقطعة!