فلسطين أون لاين

أين (إسرائيل) من الملعب الفلسطيني؟


لا يصدق عاقل أن إسرائيل التي تتابع مجريات الأحداث في سوريا والعراق وليبيا ومصر وأثيوبيا، وتتدخل في الانتخابات الأمريكية والفرنسية والبريطانية تقف موقف المتفرج مما يجري تحت أرنبة أنفها في غزة والضفة الغربية، ولا تتابع ما يتوعد به السيد محمود عباس سكان غزة من ليل أسود، ونهار أعرج، ومساء تغطيه الأحزان.

إسرائيل تتابع الشأن الفلسطيني أكثر مما يتابعه أمهر المختصين الفلسطينيين، فهي تراقب آلية تطور الأحداث بين عباس وحركة حماس، وهي تحرص على تحريك الأمور في الاتجاه الذي تريد هي، ومع ترحيبها بخطوات عباس التصعيدية ضد غزة، إلا أنها تقدر خطورة هذه الخطوات التي سترتد عليها زحفاً جماهيرياً يطالب بحق العودة، أو سيرتد عليها قذائف ستمزق الهدوء الذي أنس له المستوطنون، وفي كلا الحالتين فإن المتضرر الأكبر من ضائقة غزة هي إسرائيل نفسها، التي تتابع بدقة كل نأمة، وتدرس بتأن كل ردة فعل، وتحرص بكل ما أوتيت من قوة على الحيلولة دون انفجار برميل البارود الذي يتقلب في داخله ضجراً سكان قطاع غزة.

مصالح إسرائيل الأمنية ستفرض عليها التدخل في اللحظة الأخيرة، لتحول دون عباس ورغبته في تنفيذ تهديداته ضد سكان غزة، وذلك خشية انفلات الأمور، وانعكاس أحداث غزة بالسلب على الهدوء السائد في الضفة الغربية، وهذا ما لا ترغب فيه إسرائيل؛ التي نجحت حتى الآن في إقامة جدار الفصل المعنوي والمادي بين سكان غزة والضفة.

فماذا تريد إسرائيل في المرحلة الراهنة من قطاع غزة؟.

إسرائيل تشجع محمود عباس على مواصلة القطيعة بين غزة والضفة الغربية، وتريد أن يظل سكان غزة مشغولين بأنفسهم، يلهثون خلف شربة ماء، خشية العطش، ويقفون بالطابور في انتظار اسطوانة الغاز، خشية انطفاء المواقد، وتريد إسرائيل أن يعيش أهل غزة في العتمة لساعات، ولكن دون انقطاع الكهرباء بشكل كلي، وتريد غزة أن ترى الموظفين منهمكين في عد شواكل الراتب، وتقسيمها على أيام الشهر، دون أن ترى أسرهم جوعى يقتحمون السياج.

فهل يقدر عباس على خربشة الغزل الإسرائيلي هذا، ليواصل تصعيده الخطير ضد غزة؟

لا، لن يقدر عباس، هكذا أظن، وذلك لأن إسرائيل الحريصة على استمرار الهدوء مع سكان قطاع غزة، لن تسمح له بقطع الكهرباء كلياً عن سكان قطاع غزة، ولن تسمح له بعدم تقديم الوقود لسكان قطاع غزة، ولن تسمح لعباس بمنع وصول الأدوية والمستلزمات الطبية، وستدفع إسرائيل في اتجاه البحث عن بدائل مالية ومادية من خلال الاتحاد الأوروبي والدول الخليجية تغطي احتياجات السكان بعيداً عن السلطة الفلسطينية، بحيث تغدو غزة منطقة اقتصادية منفصلة كليا عن مناطق السلطة، وهذه خطوة أولى على طريق تمزيق الضفة الغربية إلى مجموعات اقتصادية منفصلة عن بعضها، لكل منطقة مصالحها المتعارضة مع المنطقة الأخرى، ليصب كل ذلك في مخطط استراتيجي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.