فلسطين أون لاين

تقرير عائلة سمودي تتجرع مرارة فقدان ابنتها داليا بعد أن خطفها رصاص الاحتلال

...
جانب من تشييع جثمان الشهيدة داليا السمودي في جنين
جنين-غزة/ فاطمة الزهراء العويني

حرقة أصابت قلوب عائلة الشهيدة داليا سمودي "استيتي" (24 عامًا) عندما تفاجأت باستشهادها برصاص الاحتلال الإسرائيلي مخلفةً وراءها طفليْن أحدهما رضيع يبحث بين وجوه المعزيات عن وجه أمه فينهرن باكيات كلما التصق بإحداهن معتقدًا أنها هي.

وكانت داليا أحمد سمودي استشهدت برصاص الاحتلال في حي الجابريات في مدينة جنين شمال الضفة الغربية فجر الجمعة الماضية.

حركة غير اعتيادية

الحاجة نصيفة سمودي "عمة الشهيدة داليا" (55 عامًا) لم تكفَّ عن البكاء والنحيب حزنًا على فقدان داليا التي تعدها ابنتها، وتقول لصحيفة "فلسطين": "أسكن في طابق تحت منزل شقيقي الشيخ أحمد (والد داليا) حيث أربي أبناءه وبناته جميعًا خاصة داليا التي كانت تعدني أمًّا لها".

وتصف الحاجة نصيفة الشهيدة داليا بأنها "وردة العائلة المتفتحة" التي تشيع المرح بين أفرادها وتجمعهم جميعًا وتتفقدهم في غيابهم، مشيرة إلى أنها كانت تقضي أغلب وقتها عندها حيث كانت محبوبة من الجميع.

ويزيد حرقة العائلة بحث طفلا الشهيدة سراج (3 أعوام) وإلياس (8 أشهر) عن وجه أمهما بين وجوه المعزيات حيث يتنقلان من غرفة لأخرى برفقة أقاربهما علَّهم يتلمسون وجه أمهما الحنون، في حين تحاول النسوة جميعًا تهدئة روع إلياس الذي يفتقد أمه بشدة.

وتساءلت نصيفة: "ما ذنب داليا لكي يستهدفها الاحتلال؟ هي أرادت فقط حماية أطفالها من الغاز المسيل للدموع فقامت بإغلاق الشباك فاخترقت صدرها رصاصة الاحتلال".

وتشير عمة الشهيدة إلى أنها ليلة استشهاد داليا شعرت بوجود حركة غير اعتيادية في منزل شقيقها في أثناء أدائها صلاة قيام الليل وتحركت سيارتهم عدة مرات ذهابًا وإيابًا، فانقبض قلبها إلى أن أتى أحد أشقاء داليا وأخبرها بأن داليا أصيبت إصابة خفيفة طالبًا منها البقاء في المنزل لحين طمأنتها عليها.

وتضيف بأسى: "اكتشفت لاحقًا أنه كان يعلم من البداية أن إصابتها خطرة وأنه أراد فقط أن يخفف وطأة الصدمة علي، فقد اتصل بي لاحقًا من المستشفى فأخبرني أن الأطباء لم يستطيعوا أن يسيطروا على النزيف الذي أصيبت به داليا".

وتشير إلى أنها وعند زيارتها المستشفى وجدته قد انقلب "رأسًا على عقب" بسبب كثرة الزائرين الذين جاؤوا ليطمئنوا على داليا التي دخلت غرفة العمليات لمدة ست ساعات متواصلة ولم تفقْ إلا للحظات قبل نقلها للعناية المركزية لصعوبة وضعها الصحي ونادت زوجها "باسم دير بالك عحالك وعالولاد" وأغمضت عينيها إلى الأبد.

وقالت عمة الشهيدة: "ألا يكفي الاحتلال أنهم يقتحمون بيوتنا في كل لحظة ويحتلون أرضنا، فلماذا يحرقون قلوبنا بقتل أبنائنا؟ لقد قتلوا كثيرًا من أبناء عائلتنا وجيراننا وأحرقوا قلوبنا مرارًا".

وأشارت إلى أن العائلة اعتادت إقامة حفل سنوي للاحتفاء بأبناء العائلة المولودين في شهر أكتوبر، حيث إنها وداليا وعددًا من إخوتها الآخرين قد ولدوا بنفس الشهر حيث يحتفلون معًا ويتسامرون، وتقول: "هذه المرة كيف لنا أن نحتفل من دون داليا".

وتبين أنه حتى هذه اللحظة فإن أشقاء وشقيقات داليا في وضع صحي صعب إذ يتم نقلهم للمشفى بين الحين والآخر لفرط الصدمة، فهم لم يستوعبوا بعد مرارة فقد شقيقتهم التي كانت تنشر المرح في أوساطهم.

في حين بيَّن الشيخ أحمد سمودي إمام مسجد عبد الله عزام في مخيم جنين ووالد الشهيدة داليا، أنه وعائلته لم يتوقعوا استشهاد داليا، وقال: "في العادة أضبط المنبه للتوجه للمسجد لأداء صلاة الفجر، لكن ليلة استشهاد داليا استيقظتُ على صوت الجوال ليخبرني المتصل أن ابنتي أصيبت برصاص الاحتلال في خاصرتها".

وتوجه سمودي للمشفى حيث مكثت ابنته في غرفة العمليات قرابة السبع ساعات واحتاجت لـ31 وحدة دم، إذ اخترقت الرصاصة خاصرتها وقلبها والرئتين والكبد والقولون واستقرت بالكلية وقطعت شرايين جسمها، إذ عجز الطاقم الطبي عن وقف النزيف.

وتابع: "حدثتها أنا ووالدتها لمدة ربع ساعة في أثناء وجودها في الطوارئ قبل إجراء العملية لها، حيث أخبرتني أنها أصيبت عندما كانت تغلق هي وزوجها شبابيك المنزل خشية على أطفالها من الغاز المسيل للدموع".

وبين أنهم كانوا يدركون خطورة إصابتها لكنهم كانوا يأملون بأن ينجح الأطباء في إنقاذها لتربي أطفالها لكن "قدر الله نافذ"، مشيرًا إلى أن والدتها في حالة إعياء شديدة عقب صدمة استشهادها حيث نقلت للمشفى عدة مرات.

ودعا والد الشهيدة الفصائل الفلسطينية للوحدة الوطنية الحقيقية التي ستشكل رادعًا للاحتلال عن استهداف الأبرياء.