القَدَر وحده مَن جعل شهر تشرين الثاني القريب شهرًا حاسمًا, يتقرّر فيه المستقبل السياسي والشخصي لثنائي «صفقة القرن» ترمب ونتنياهو، إذ الثالث من تشرين الثاني موعد دستوري أمريكي يصعب على ترمب العبث به، عبر إصدار «أمر رئاسي» كتلك الأوامر الرئاسية، التي يُهدِّد باتخاذها إذا لم يعجبه قرار مجلسي الكونغرس، أما تشرين الثاني الإسرائيلي فجاء به نتنياهو, رغم أن تشرين 2/2021 كان الموعد الذي ينتظره زعيم حزب كاحول لافان غانتس، لتسلّم المنصب بديلا عن نتنياهو، وَفق اتفاق وقّعاه, لإنهاء أزمة سياسية مُتمادِية عكستها ثلاث جولات انتخابية، لم يستطع خلالها الفاسد والمرتشي والمحتال (وفق لائحة الاتهام الرسمية) نتنياهو, تأمين غالبية يمينية تسمح له ضمن أمور أُخرى، الهيمنة على وزارة العدل، حيث بمقدور وزيرها ممارسة صلاحيات محدودة (غير واسعة)، للضغط على أجهزة القضاء وخاصة محكمة العدل العليا والمستشار القضائي للحكومة كذلك النيابة العامة، وهو ما فعلته بـ«كفاءة» وزيرة العدل الفاشية السابقة والقيادية في حزب يمينا (قبل ذلك حزب البيت اليهودي) آيليت شكيد.
ما علينا
ترمب.. «يُعاني» في حملته الانتخابية، واستطلاعات الرأي لا تزال تتحدّث عن فارق يصل إلى 8% لصالح المُرشح الديمقراطي بايدن، الذي اكتسبت حملته الانتخابية زخما بعد طول خمود، (من جرّاء جائحة كورونا)، باتّهامه ترمب بأنه: أول رئيس «عنصري» يصل البيت الأبيض, ناهيك عن مغازلته الأقليات العرقية والدينية, كما فعل في ندائه لمسلمي أمريكا التصويت له، مستشهدا بحديث الرسول الكريم محمد: "مَن رأى مِنكم مُنكراً..."
نتنياهو الذي ينفي (تحايلاً بالطبع) رغبته الذهاب لانتخابات مبكرة عبر فرط الائتلاف الحالي، بإصراره على تمرير ميزانية لعام واحد فقط (على عكس ما اتُفقَ عليه مع غانتس لتكون ميزانية لعامين).. يدرك أن حظوظه هذه المرة للبقاء في موقعه باتت أقل من أي وقت مضى، وخاصة بعد أن حُدّدَ موعد محاكمته أوائل العام المقبل، وبعد رفض المحكمة طلباته المُتعددة بتأجيل المحاكمة بسبب «ضوابط» كورونا، وتذرعه بأن مُحامييه لن يستطيعوا مناقشة الشهود للدفاع عنه، وهم يضعون "الكمامات على أفواههم".
استطلاعات الرأي حتى أول من أمس, تُظهِر تراجعًا لليكود واستياءً شعبيًا من نتنياهو, إذ لم تمنَح عينة المُستطَلعين لحزبه سوى 3 2مقعداً (القناة 12)، في حين أن استطلاع القناة 13 رسا عند 31 مقعدًا, علمًا بأن قوة الليكود وصلت «40» مقعدًا خلال ذروة الموجة الأولى من كورونا, لكن تداعياتها انعكست سلبًا على الحزب الفاشي ورئيسه الفاسد, بوصول نسبة الاستياء الشعبي منه إلى 58% (القناة 12) و60% (القناة 13).
هل يبقى نتانياهو وترمب معنا ويعودان لتصدر المشهد؟
لا أحد بمقدوره الاتّكاء على استطلاعات رأي جمهور مُتقلّب، يخضع لعبث وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي الأكثر فاعلية، رغم المظاهرات الصاخبة التي تدعو نتانياهو لـ «الرحيل» وتُندّد بعنصرية ترمب وتقلّباته.
قد تُنقِذهما أحداث غير مُتوقّعة وقد تطيحهما قرارات مُتغطرسة، كافتعال حرب أو ظروف طارئة تُعجّل بذهاب أحدهما إلى السجن، في حين تُسدل الستارة على ترمب.