تُجرى الاستعدادات بين حركة فتح وحماس والفصائل الفلسطينية لعقد مهرجان مركزي وبحسب التصريحات يمهد لإنهاء الانقسام نهائيا، والتوقعات أن يُلقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية خطابا مهما في المهرجان يتضمن برنامجا وطنيا للمقاومة الشعبية لمواجهة مخطط الضم والشروع بخطوات تنهي الانقسام وتمهد لتوحيد الجغرافية الوطنية وأهمية عقد المهرجان أنه نتاج جهود وتنسيق مشترك بين فتح وحماس ومخرجاته بعث رسائل تحمل استعادة الوحدة الوطنية ما بين "فتح" و"حماس" والتصدي لمشاريع "الضم" الإسرائيلية و"صفقة القرن" الأمريكية.
مهرجان غزة امتداد للمؤتمر الصحفي المشترك بين أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" جبريل الرجوب ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح, وقد أرسى دعائم انطلاقة جديدة في الاتجاه الصحيح نحو تصويب المسار الوطني الفلسطيني يقود لتحقيق الأهداف الوطنية بالحرية والانعتاق من الاحتلال الغاشم.
لقد استنفدت جميع الوسائل لإنجاح المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، وعقد اتفاق يفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة عام 1967 وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها "القدس الشرقية"، إلى جانب دولة (إسرائيل)، وحل باقي قضايا الوضع النهائي وخاصة قضية اللاجئين والمستوطنات والمياه، خصوصا أمام مخطط حكومة نتنياهو للضم وتدمير رؤية الدولتين.
خطة "صفقة القرن" ومخطط "الضم" لا تحمل أية حلول جذرية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي والحلول المطروحة مرحلية وتفضي لتصفية القضية الفلسطينية وتدمير رؤية الدولتين وتحمل أبعادا اقتصادية بغلاف إنساني وهذه الحلول كما سابقاتها تبتعد عن جوهر القضية وضمن محاولات ترسيخ الاستيطان وفرض أمر واقع على العرب والفلسطينيين للقبول بالاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل) وقبول الاستيطان وانتزاع أجزاء واسعة من أراضي الضفة الغربية الأمر الذي يرفضه الفلسطينيون والعرب وبخاصة الأردن بالمطلق.
المجتمع الفلسطيني والعربي مل الأطروحات ومل هذا الفكر السياسي العبثي لافتقاده المصداقية لأن مثل هذه الأطروحات ليست إلا لتسويق حلول مصلحية آنية وخصوصية هي بحقيقتها بعيدة كل البعد عن ما يتطلع إليه الشعب الفلسطيني وما يسعى لتحقيقه طيلة عشرات السنين من عمر ثورته الفلسطينية وتمسكه بالمقاومة كخيار استراتيجي حتى تحقيق ونيل أهدافه بالحرية وحق تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
لا نغالي بالقول إن الشعب الفلسطيني هو الآن بغاية الإحباط من هذا الطرح السياسي وهذا الفكر السياسي وهذا الانقسام الفلسطيني وهذا التمحور والتخندق الذي أوصلنا إلى ما نحن عليه اليوم . فهل يشكل مهرجان غزة انطلاقة جديدة لاستعادة الشعب الفلسطيني لكينونته وتوحيد جهوده لمواجهة (إسرائيل) ومخطط "الضم" وإسقاط "صفقة القرن".
التنسيق الميداني له سابقة في العلاقة بين "حماس" و"فتح" , وقد نجح هذا التكتيك في الانتفاضتين, توحدتا في الميدان واختلفتا في السياسة, وهذا ما جعل الوحدة الميدانية هشة بلا أساس متين, فهل نحن أمام استحضار تجربة التنسيق الميداني؟ مع بقاء الخلاف السياسي قائماً وهو الأكثر حضوراً, أم أننا أمام تغيير استراتيجي يقود وحدة الميدان والعمل السياسي ضمن برنامج وطني بمرجعية استراتيجية.
رغم أهمية اللقاء المشترك ومخرجات نتائج مهرجان غزة, وما يؤسس له من مرحلة جديدة من التنسيق الميداني في مواجهة قرار "الضم" الصهيوني, فإنه من المؤمل تحقيق وحدة فلسطينية شاملة, وهذه ضمن الاستحقاقات الفلسطينية الكبرى وفي مقدمتها إنجاز وحدة فلسطينية شاملة تنهي الانقسام, تقوم على أساس ترتيب البيت الفلسطيني, وإعادة الاعتبار للقضية الوطنية كقضية "تحرر وطني", وإقرار المشروع الوطني التحرري, وإدارة معركة التحرير "سياسياً وعسكرياً" وتعزيز صمود شعبنا وإسناد مقاومته ضمن استراتيجية تجميع جميع القوى على هدف واحد وهو التحرير والتحرر من الاحتلال.