يواصل الاحتلال الإسرائيلي إجراءاته التهويدية والاستيطانية في مدينة القدس، حيث يتبع كل الأساليب الممكنة للسيطرة جغرافيًّا وإداريًّا على المدينة وإلغاء الطابع الفلسطيني عنها، وآخرها تكثيف حملاته بحق المؤسسات الثقافية، وحفر شوارع تربط أواصر المستوطنات وتقطع أوصال التجمعات الفلسطينية، وفق متخصصين في شؤون القدس.
وكانت قوات من شرطة الاحتلال ومخابراته اقتحمت "مركز يبوس الثقافي" و"معهد إدوارد سعيد الوطني للموسيقى" دون إشعار مسبق أو مذكرة رسمية أو سبب واضح، وصادرت سجلات ووثائق تخص المؤسستين.
في حين شرع الاحتلال في شق "الشارع الأمريكي" بحيث يربط مستوطنات جنوب القدس وشرقها بنظيراتها في بيت لحم والكتلة الاستيطانية "معاليه أدوميم" شرق القدس ومستوطنات وسط الضفة وشمالها.
وعدَّ المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أنَّ اقتحام (إسرائيل) لمركزين ثقافيين فلسطينيين في شرق القدس يوم الأربعاء، واعتقال مديريهما يأتي ضمن حملة استهداف مركّزة على الوجود الفلسطيني في المدينة، ويشكل انتهاكًا للقانون الدولي.
تغيير الثقافة
مدير مركز القدس للحقوق القانونية، والاجتماعي زياد الحموري، أكد أن اقتحامات الاحتلال للمؤسسات الفلسطينية المقدسية على اختلاف مسمياتها أمر مستمر على مدار سنوات طويلة، مشيرًا إلى أن الاحتلال أغلق عشرات المؤسسات تحت ذرائع مختلفة.
وقال الحموري لـ"فلسطين":" الجديد في الأمر أن الاستهداف لهاتين المؤسستين جاء من عدة دوائر إسرائيلية دفعة واحدة وهي مسجل الجمعيات ودائرة الضريبة ودائرة الهجرة والمخابرات والشرطة، حيث لفقوا لها تهمًا جديدة من نوعها هي تبييض أموال وتهرب ضريبي".
وعدَّ أن هذا يدل على تحول جديد في محاربة المؤسسات الفلسطينية بالقدس، مضيفًا: "الاحتلال يعمل على ترسيخ مؤسساته بالتوازي مع طرد العمل الأهلي الفلسطيني في خطوة يرصد لها مبالغ طائلة تحت عنوان "تحسين ظروف الحياة للمقدسيين" الذي هو مجرد ستار لربطهم بالاحتلال.
وبيّن أن الاقتحامات هذه المرة كانت مستندة إلى قرارات قضائية إسرائيلية في تحالف واضح مع حكومة الاحتلال للقضاء على المؤسسات الفلسطينية التي تعاني كثيرًا بسبب الإجراءات الإسرائيلية بجانب غياب الدعم العربي والأوروبي".
استيطاني بامتياز
بدوره بيَّن الباحث في تاريخ القدس روبين أبو شمسية، أن الشارع الأمريكي أحد المشاريع الاستيطانية الإسرائيلية، حيث يحتوي على جسر ونفق، ويمر من غرب القدس لشرقها، لافتًا إلى أنه يحتوي على النفق الأطول في منطقة القدس، وميزانية إنشائه أمريكية.
وأوضح أن الشارع يختصر قرابة مسافة 6 كيلومترات يحتاج إليها المستوطنون للمرور من غرب المدينة المحتلة لشرقها، فهو يربط شرق القدس مع الداخل الفلسطيني والمستوطنات بشبكة طرق وقطارات ومواصلات، لفرض أمر واقع لحسم ملف القدس والغور لصالح الاحتلال.
وأشار إلى أن إنشاء الشارع سيخدم المشروع الاستيطاني عمومًا، وتهويد القدس وضم مساحات واسعة من الضفة، خصوصًا، حيث سيقام عليه مداخل ومخارج للأحياء الفلسطينية.
وذكر أن الاحتلال يهدف لربط مستوطنات شرق وغرب القدس بالداخل الفلسطيني غربًا وبغور الأردن شرقًا، ويسهل تحرك المستوطنين والقوات العسكرية في محيط القدس وأرجاء الضفة الغربية حيث يختصر وقت التنقل كثيرًا".
ولفت إلى أن الاحتلال صادر عشرات الدونمات من أراضي صور باهر شرق القدس، ودمر الكثير من الأراضي الزراعية بسبب هذا الشارع، حيث قطع الشارع أوصال تلك الأراضي.
ونبه إلى أن الشارع مخطط له منذ عام 1994 تقريبًا وهو من الشوارع الإستراتيجية التي وُضعت مخططاتها بعناية ضمن المشاريع الاستيطانية الكبرى، حيث يأتي ضمن خطة الضم والتهويد ودعم المشروع الاستيطاني.