اتّهمت مندوبة البيت الأبيض في مجلس الأمن السفيرة (كيلي كرافت) حماس بالمسئولية عن الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها غزة؟! الاتهام هذا ليس جديدًا، بل هو سياسة معتمدة في البيت الأبيض، وقد ردَّت حماس على الاتهام ورفضته، واتهمت البيت الأبيض بالانحياز الأعمى لدولة الاحتلال.
ليس غريبًا على أميركا وقادة البيت الأبيض أن يكيلوا الاتهامات لحركة حماس، فهم يضعون حماس على القائمة الأميركية للكيانات والمنظمات الإرهابية، وهي قائمة تنحاز (لإسرائيل)، وتنطلق من توجيهاتها في هذا المضمار. البيت الأبيض وقادة أميركا يعلمون أن (إسرائيل) دولة احتلال، ومن عادة دول الاحتلال العمل على تدمير اقتصاد الشعب المحتل، وتدمير حاضرة ومستقبله، وإنتاج تبعية مزرية لدولة الاحتلال.
لماذا لم تتحدث مندوبة البيت الأبيض عن الاحتلال؟! ولماذا لم تحمل دولة الاحتلال المسئولية عن تراجع الحياة الاقتصادية للسكان في غزة؟! لماذا لم تتعرض لحصار (إسرائيل) لغزة، ولم تتعرض لخطط دولة الاحتلال حول تدمير الصناعة الفلسطينية، وحرمان المصانع من مدخلات الانتاج، ومن تيار كهربائي متواصل؟!
قطاع غزة يعيش على كهرباء لمدة ست ساعات كل أربع وعشرين ساعة، وهذه المدة غير كافية لإنتاج صناعي منافس. وغزة التي كانت مركزًا تجاريًّا في المنطقة، لم تعد كذلك لأن معابر غزة مع العالم مغلقة، يغلقها الاحتلال، ويقيد حركة التجارة الدولية مع غزة، ويجعلها تخضع للسيطرة الإسرائيلية، والفحص الأمني الإسرائيلي، وميناء غزة لا يعمل كميناء تجاري بسبب الحصار وإغلاق البحر؟!
كرافت، مندوبة ترامب في مجلس الأمن، تعرف أكثر من هذا المذكور عن أسباب تدهور الحالة الاقتصادية في غزة، وتعرف دور (إسرائيل) في تدمير اقتصاد غزة، ولكنها تتعامى عن هذه المعرفة وتقفز عنها، انطلاقًا من موقف سياسي أميركي ينحاز (لإسرائيل)، ويناهض الموقف الفلسطيني بشكل عام، ويعارض موقف حماس بشكل خاص، لأن حماس تتبنى خيار المقاومة، وأميركا تحارب المقاومة التي تعمل ضد (إسرائيل).
نعم، في غزة بطالة، وفقر، وتراجع اقتصادي، ولكن المسئول الأول والأخير عن هذه الحالة، وتلك المخرجات هو الاحتلال الإسرائيلي، وإذا أرادت دول العالم أن تساعد غزة على الخروج من حالة الفقر والبطالة، والتراجع الاقتصادي، فإن هذا الخروج والعلاج يبدأ بقرار سياسي يتضمن الرفع العاجل للاحتلال، وإطلاق يد السكان للتواصل المباشر مع دول العالم من خلال مشاريع تجارة حرّة ذات مغزى. وإن تفعيل ميناء غزة تجاريًا، استيراد وتصدير، هو بداية لازمة قبل أي مشروع مقترح، لتنشيط عاجل للاقتصاد في غزة.