كان اسم المعركة ضد غزة في عام 2014م الجرف الصامد. ولكن تبين لاحقا وبعد عملية الشجاعية الفدائية العظيمة أنه لم يكن ثمة جرف، ولم يكن ثمة صمود، فقد قررت قيادة الأركان الصهيونية التراجع والانسحاب، حيث كانت خسائر لواء جولاني في ليلة الشجاعية كبيرة وغير مسبوقة، وأشعلت نار الإحباط والخوف في قلوب الجنود، بعد إصابة قائد اللواء غسان عليان، الذي فقد الوعي ونقل الى المستشفى بطائرة مروحية.
في تلك الليلة التي شهدت تألق الشجاعية والمقاومة في المباغتة الميدانية، أربكت حسابات قيادة الأركان، وقادة جولاني، فأمروا بقصف عشوائي لكل مناطق التماس في الشجاعية، مما أوقع مذبحة بين المدنيين، وأخرج القصف العشوائي قسما كبيرا من السكان خارج بيوتهم، وعرضها لهدم كلي أو جزئي، لا زالت آثاره شاهدة على عمق الجريمة. إن قتال جولاني لم يكن قتالا بشرف، بل كان قتال من انكسرت أنفته، وافتضح أمره؟!.
يقول غسان عليان قائد اللواء في تشخيص حالة المعركة وعنفها:" خضنا عمليات قتال في غزة، وكدت أن أقتل بصاروخ، ونقلت إلى المستشفى في حالة حرجة. واقع القتال في غزة أنتج أحداثا معقدة. وما تخلله من اختطاف شاؤول أورون".
كانت مقاومة الشجاعية والتفاح في تلك الليلة حريصة على أسر بعض جنود الاحتلال من لواء جولاني، لمبادلتهم بأسرانا في سجون الاحتلال. الحرص على الأسر كان يسير في خط مواز مع إيقاع أكبر خسائر في القوات المهاجمة. وكانت تعليمات قادة الأركان لجنودهم لا نريد شاليط (٢). وعلى كل جندي أن يدخر الطلقة الأخيرة لنفسه ؟!
نجحت المقاومة في أسر شاؤول ، وهي تعمل على مبادلته بأسرانا، غير أن حكومة نتنياهو تماطل في دفع الثمن، رغم احتجاجات عائلة شاؤول، وعائلة هدار. وبهذه المماطلة أسقط نتنياهو أكذوبة جولدمائير التي قالت في مذكراتها كنت لا أعرف النوم لأن هناك أسرى يهودا في مصر في حرب١٩٧٣م،؟! وأسقطت تعليمات التوراة التي تطالب القادة بتحرير الأسرى، ولو بكامل مال الدولة.
اليوم عائلة شاؤول، وعائلة هدار، تقولان للحكومة : أرسلتم أبناءنا إلى القتال في غزة، ثم تخليتم عنهم؟!. نتنياهو كاذب؟!. نتنياهو تخلى عن أبنائنا؟!. حماس لم تتخل عن أبنائها، لذا يجب دفع الثمن لحماس. ما قيمة جيش لا ينقذ جنوده من الأسر؟!.
تمرّ هذه الذكرى السادسة، وكلنا أمل أن تتمكن حماس من تحرير أسرى فلسطين، وكلنا أمل أن تستعيد الشجاعية قوتها، وأن تتفوق على ما أصابها، وأن تبقى عنوانا كريما لشعبنا الفلسطيني، في زمن الضم، والتطبيع.