في يوم 20/7/2014م زفّ الناطق باسم كتائب القسام أبو عبيدة خبر أسر الجندي الصهيوني شاؤول أرون صاحب الرقم (6092065) من قلب إحدى المدرعات الصهيونية، وبعد عدة أيام تحل ذكرى أسر الجندي هدار جولدن.
المؤتمر الصحفي لأبي عبيدة سيبقى راسخاً في الوعي الجمعي الفلسطيني والعربي وأحرار العالم، لأنه جاء خلال تنفيذ (إسرائيل) لمجزرة بحق المدنيين الفلسطينيين في حي الشجاعية بمدينة غزة راح ضحيتها أكثر من (74 شهيداً) وآلاف الجرحى والمنازل المهدمة، فرفع الروح المعنوية للشعب الفلسطيني عموماً وللأسرى على وجه الخصوص.
منذ تلك اللحظات التي شكلت نقطة تحول في معركة العصف المأكول بحيث يصعب على نتنياهو ورئيس أركانه غانتس تمرير خبر الأسر على المجتمع الإسرائيلي فقامت بتمرير رواية أنهم قتلوا خلال المعركة، وأجبرت ذويهم بفتح بيوت عزاء لهم.
وهذا يطرح تساؤلًا بعد ست سنوات: هل شاؤول أرون وهدار غولدن أحياء؟ وما المطلوب من ذوي الجنود فعله؟
لم يكن محمد الضيف (أبو خالد) القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام سعيداً وهو يشاهد دموع والدة شاؤول أرون وهي تتكلم أمام رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتانياهو وبعض أعضاء الائتلاف الحاكم في (إسرائيل)، في نفس الوقت يستحضر القائد أبو خالد دموع أكثر من 6500 أم فلسطينية فلذات أكبادهن في المعتقلات والسجون الصهيونية.
فهل من خارطة طريق تستطيع من خلالها أمهات الجنود المأسورين لدى كتائب القسام المساهمة في عودتهم كما عاد جلعاد شاليط؟
أربعة مرتكزات ينبغي على عوائل الجنود الصهاينة العمل عليها والاقتناع بها لبناء خارطة طريق قادرة على إحداث اختراق في ملف الجنود وهي:
1. القناعة الراسخة لدى عوائل الجنود بأن عنوان الإفراج عنهم هو رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو ووزير حربه غانتس.
2. الوضع الصحي للجنود الصهاينة.
3. الحاضنة الجماهيرية للحراك الشعبي الضاغط على الحكومة الصهيونية.
4. اليقين بأن زيادة الحصار والقتل والعدوان على قطاع غزة لن يعيد الجنود وبأحسن الأحوال قد يعيدهم قتلى وجثثًا.
حتى تتوفَّر الحاضنة الجماهيرية الضاغطة على الدولة والإرادة الحكومية لتل أبيب الراغبة في الاستجابة ودفع الثمن لا بدّ من أن يدرك المجتمع الصهيوني بأن الثمن المراد دفعه هو مقابل جنود قتلى أم أحياء؟ وأعتقد أن كتائب القسام أبرقت أكثر من رسالة تدلل في مجملها بأننا أمام جندي بصحة جيدة وآخر مصاب ومقعد على كرسي متحرِّك، وسوف أدلل على صحة هذه الفرضية من بعض إصدارات كتائب القسام التي نشرت مؤخراً.
بتاريخ 1/1/2017م نشرت كتائب القسام فيديو في ذكرى عيد ميلاد شاؤول أرون وتضمن مشهدًا بالغ الأهمية يتعلق بجندي على كرسي متحرك بمعنى أن شاؤول أو غيره قد يكون مصابًا وليس قتيلًا، ولو عدنا قليلاً لحادثة أسر شاؤول والذي كان برفقة 14 جندياً صهيونياً في ناقلة جند تم تفجيرها وأسر شاؤول من داخلها، حيث تقول الرواية الإسرائيلية أن جميع من كان بالمدرعة قد قتل، وهذا يزيد من فرضية أن مجاهدي القسام اقتحموا المدرعة بعد تفجيرها واعتقلوا جندياً مصاباً وهذا يعزز من فرضية أن المقعد هو شاؤول أرون وليس هدار جولدن، ويبقى ذلك في إطار التحليل، بينما الحقيقة الكاملة بيد المقاومة الفلسطينية وعلى إسرائيل دفع ثمن الحصول على معلومات كاملة ووافية ودقيقة حول صحة الجنود.
أما هدار جولدن فقد جاء بالأغنية التي نشرتها كتائب القسام عبر موقعها الرسمي بتاريخ 20/4/2017م، تدلِّل على أن الجنديين على قيد الحياة، فطريقة مخاطبة أمهاتهم، ومشاعر الأمهات تجاه كلمات الأغنية تدلل على أن الحكومة الصهيونية ضللتهم وكذبت عليهم من أجل حسابات حزبية ومصلحية، حتى لا يقال داخل المجتمع الصهيوني بأن نتنياهو ذهب لغزة ولم يستطع دخولها وعاد تاركًا خلفه جنديين على قيد الحياة.
الدليل اللافت على أن هدار جولدن على قيد الحياة كان في الدقيقة 2:43 من ذات الأغنية، ونص الفقرة: “وقعنا في كمين لعين أنا وبتايا ولئيل”، والجملة هنا صيغت بطريقة لا تدع مجالًا للشك بأن هدار يحدث محققيه وعائلته ومحبيه بما حصل معهم في الكمين الذي نجحت كتائب القسام من خلاله في أسر هدار جولدن وقتل من معه.
الخلاصة: تستطيع عوائل الجنود المأسورين لدى المقاومة الفلسطينية من تشكيل لوبي ضاغط على الحكومة الصهيونية، للعمل على الإفراج عن أسرى صفقة وفاء الأحرار (شاليط)، كمدخل مهم لبدء مفاوضات سريعة بموجبها تبتسم والدة هدار جولدن وشاؤول أرون وأبراهام مونغستو (من يهود الفلاشا) وهشام السيد، وتبتسم أيضاً 6500 أم فلسطينية غيّب الاحتلال أبناءهم عن الحياة لسنوات طوال في الأسر، بعضهم تجاوز العقد الثالث من عمره وهو في داخل السجون الصهيونية.