حين تقيم العائلة الفلسطينية فرحا ويحضر إليه المعازيم، يدعون لأهل الفرح بالتمام: "ربنا يتمّم عليكم فرحكم". دعاء جميل، ولكن لماذا اختاروا في عاداتهم هذا الدعاء بالذات، وغيره جميل مثله أو أجمل ؟! قال أهل المعرفة: الجواب مقدر على رغبة مسكونة في ضمير أهل الفرح، هذه الرغبة مسكونة بخوف من الانتكاسة، أو المنغصات، التي تمنع عادة التمام. الله يتمم عليكم فرحكم دعاء يعالج هذه الحالة من الخوف والقلق.
وحين التقى العاروري بالرجوب في مؤتمر صحفي لتوحيد الخطاب ضد "الضم"، قال الناس: " لعل.. وعسى". وبالأمس قرأت تصريحا لخليل الحية نائب رئيس حركة حماس في غزة، يقول فيه إنه من المتوقع بعد أيام عقد مهرجان خطابي في غزة تشرف عليه حركتا حماس وفتح ضد الضم، وتحضره الفصائل، ويلقي فيه محمود عباس، وإسماعيل هنية كلمة وحدوية ضد الضم.
شعرت عند القراءة ببعض الارتياح. وقلت كما قال المعازيم في الأفراح: "الله يتمم عليكم بخير".
لست أدري ما الذي أجرى على لساني هذا الدعاء في تلك اللحظة، ولكني تذكرت حالة أهل الفرح، وحالة أهل المعازيم، فقلت: نعم، هذا هو الدعاء المناسب في هذه القضية.
الناس في غزة والضفة يفرحون لأدنى تقارب بين الفصائل، ويفرحون لأدنى شراكة بين فتح وحماس، ولكن فرحهم عادة مصبوغ بقلق الفشل، وبخوف على تمام الخطوات. مرات عديدة تصرمت بفرحنا بعد لقاءات بين حماس وفتح، وعدنا منها كالعائد من المولد بلا حمص، حتى بات الناس في إحباط عميق عند سماع أخبار اللقاءات المشتركة وأخبار المصالحة، لأنهم يتوقعون أنها لقاءات سياسية تكتيكية، لا لقاءات إستراتيجية، ولا لقاءات قلوب، ولهذا فتر الاهتمام الجماهيري بها.
في نظري أننا كفلسطينيين نعيش مرحلة حرجة وخطِرة، وأن تصفية قضيتنا باتت تؤرقنا جميعا، وأن الضم قادم، وأن التاريخ يسجل المواقف كلها، وأن الأجيال القادمة لا ترحم قادة فشلوا في الشراكة، والتعاون معا في مواجهة الضم.
أصوات الشعب تقول: تعاونوا إن لم تتشاركوا، ونسقوا خطواتكم إن لم تتصالحوا، وإن حصل ضم وأنتم متفرقو أيادي سبأ فأنتم مسؤولون عن ضياع القضية وتصفيتها بأثمان رخيصة. ارفعوا ثمن وطنكم وأرضم بتوحدكم، وبشراكة تتجاوز الخلافات القديمة، وتضع مواجهة الضم على سلم أولوياتكم. أرجو أن ينعقد المهرجان بفتح وحماس، وأن نسمع فيه لهنية وعباس. "والله يتمم فرحتكم"، والسلام.