فلسطين أون لاين

"العرقان".. من غرفته الصغيرة يطل على الجمهور بخفة ظل

...
غزة/ هدى الدلو:

قبل أن يغلق باب غرفته على نفسه، يطلب من عائلته التزامهم الصمت إلى أن يروه خارجًا من عزلته، إذ يجهز هاتفه المحمول الذي تحقق من شحنه، والحامل (الستاند) الخاص ليبدأ تسجيل فكرته، أو الحلقة الكوميدية في الأستوديو الخاص به (غرفته)، وفي أثناء ذلك يقاطعه صوت الباعة المتجولين، ليعيد التسجيل من جديد.

شغف الشاب وسيم نظمي العرقان (20 عامًا) بالتمثيل الكوميدي هو ما يطيل نفسه في التسجيل مرات متعددة رغم إمكاناته البسيطة، وقد لاقى تشجيعًا من أقاربه وأصدقائه، دفعه للاستمرار في تقديم المزيد من الأعمال باجتهاد شخصي لينشرها على قناة اليوتيوب، نظرًا لقلة فرص الدعم المتوافرة.

قبل ثلاثة أعوام كانت البداية الحقيقية لاكتشاف موهبته في التمثيل الكوميدي، التي كاد يكون مصيرها الاندثار لولا اهتمامه بها.

ويعود العرقان في حديث مع صحيفة "فلسطين"، بذاكراته لمرحلة طفولته التي كان يحاول فيها أن يقوم بحركات عشوائية وتمثيلية، وأصوات غريبة، لأجل إضحاك من حوله وإدخال البسمة على قلوبهم، "وكنت في الغالب أقوم بدور المطرب أو ألقي النكات المضحكة" يقول.

فأقاربه يصفونه بـ"الطفل المرح"، إذ كان يستثمر تجمعاتهم لتقليد شخصية ما من أجل إدخال البهجة إلى قلوبهم، وعلى هذا المنوال مارس موهبته التي رافقته حتى أصبح شابًّا.

عدم حصوله على ما يتمناه في الثانوية العامة منعه من تحقيق حمله بدراسة فنون التمثيل والدراما والمسرح، فعكف على تطويرها ذاتيًّا، "فأصبحت أصور نفسي، أو أطلب من إخوتي تصويري، وبعدها أشاهد الفيديو وأراقب أدائي لأطور من ذاتي، وانطلاقًا من ملاحظاتي، ونصائح آخرين يشاهدون أعمالي نهضت بموهبتي" يضيف العرقان.

يتابع: "لم أجد مكانًا لممارسة موهبتي سوى عمل فيديوهات كوميدية، والدعم الكبير ممن حولي وتشجيعهم لي دفعاني للاستمرار، ووسائل التواصل الاجتماعي كفيس بوك وإنستغرام، والتيك توك، فمهدوا لي الطريق لنشر إبداعاتي، وفتحت قناة خاصة على يوتيوب، وأصبح لدي آلاف المتابعين في فلسطين والخارج".

عشقه للأدوار الكوميدية جعله ملطفًا للجو، فكان دوره تخفيف حدة التوتر والشحناء بين أصدقائه وأهل بيته، ولكن عليه أن يتحرى مدى تقبل وتحمل من حوله للمزاح والضحك.

ويؤكد أهمية تبني الجهات الرسمية المختصة مواهب الشباب، وتعمل على صقلها وتطويرها، مبينًا أن كثيرًا من الفنانين في فلسطين يشقون طريقهم بجهود خاصة.

ويضيف العرقان: "الثورة والنضال سلاح ثائر، أو مشرط جراح، أو قلم أستاذ أو أديب أو كاتب أو صحفي، أو ريشة فنان، وهذا يعني أن على الفنان نشر معاناة شعبه وظلم وجبروت الاحتلال بحقنا للعالم، وهذا يكمل مسيرة ومشهد النضال العام في مقاومة الاحتلال".

"والفن هو من أهم أدواتنا في معركة التحرير، ومقاومة المحتل، وأفضل أداة لشرح قضيتنا أكثر قضية عادلة في التاريخ، وأحيانًا أناقش القضايا السلوكية المجتمعية بشكل عام في قالب كوميدي هادف وفي جميع المناسبات" يتابع حديثه.

وأي فكرة تراوده يدونها مباشرة ويدرسها بالشكل الصحيح، ويضع تصوراته لكيفية خروجها للجمهور، وعندما تنضج يصورها بالأستوديو الخاص به، وأحيانًا يحتاج إلى إعادة التمثيل للوصول إلى الأداء والمشهد المطلوبين.

ويقوم العرقان بعمل المونتاج وإدخال المؤثرات عبر الجوال والتطبيقات المساعدة، وفي النهاية يرفعه على منصاته الخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، ويراقب ردود الفعل والملاحظات التي يستفيد منها كثيرًا في تطوير ذاته.

ويقول: "حتى اللحظة لم تتح لي الفرصة لمشاركة حية ومباشرة، وجميع مشاركاتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي فقط".

ويتمنى أن يحقق حلمه في أن يصبح فنانًا كوميديًّا فلسطينيًّا حتى يستطيع إيصال رسالة شعبه بطريقة بسيطة، وفي الوقت نفسه يدخل الفرحة والابتسامة على قلوب الفلسطينيين، وجميع المشاهدين عمومًا، آملًا أن يتمكن من صقل موهبته بالدراسة، وهذه هي مخططاته للمستقبل.