الاكتئاب مرض من أمراض العصر المنتشرة ، وهو انعزال المريض عن محيطه ، وفقدان الاتصال بمن حوله ، ويؤدي به إلى اليأس ، وقد ينتج عنه التفكير بالتخلص من الحياة ظناً انها الحل الأخير وسبيل للراحة ،وأهم الأسباب النفسية لهذا المرض الشعور باليأس ، وعدم القدرة على تحمل ضغوطات الحياة .
إن الإسلام العظيم عالج هذا الأمر من بدايته ، فلا مكان للاكتئاب في حياة المسلم ، فحياته كلها لله مليئة بالطاعة ، والذكر ، والأمل برحمة الله ، فالمؤمن يعلم أن حاله كله خير ، إذا أصابه خير شكر الله ، وإذا أصابه شر صبر ، فالمؤمن يعالج الضغوطات النفسية بسلاحي الصبر والشكر، ولا يوجد في الدنيا داء عضال لا دواء له ، ولا شفاء ، فالنبي صلى الله عليه وسلم ( إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُنْزِلْ دَاءً إِلَّا أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ»، وَفِي لَفْظٍ: «إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ شِفَاءً، أَوْ دَوَاءً، إِلَّا دَاءً وَاحِدًا، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هُوَ؟ قَالَ: الْهَرَمُ) قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وهذا ينطبق على الأدواء العضوية ، والنفسية ، ويشمل الأدواء الفردية ، والاجتماعية .
أهم علاج الاكتئاب في الصيدلية الإسلامية :
أولاً :الاعتصام بالله ، واللجوء إليه ، والأمل في فضله ، والرجاء في رحمته ، فهو أرحم بنا من أنفسنا ، و من أمهاتنا ، ومن آبائنا والله يقول ( إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) سورة يوسف 87
والله سبحانه وتعالى لا يستعصي عليه مرض ، ولا مشكلة مادية ، ولا معنوية ، فكم من مريض شفاه ، وكم من فقير أغناه ،وكم من سائل أعطاه ، وكم من ضال هداه ، وكم من ضعيف قواه.
الثقة والاعتصام بالله أول وأهم طرق الحل ، وهو النور الذي يضيء الطريق ، واعلم ان أشد ساعات الليل ظلمة التي تسبق الفجر ، وأن سنن الله الله أن يجعل من بعد العسر يسرا.
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وظننت أنها لا تفرج
ثانيا ً : الصلاة عدة للمسلم في معركة الحياة :
الصلاة نجاة ، ومناجاة ، ووقوف بين يدي القوي العزيز ، والله جل وعلا يقول ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ(سورة البقرة 153
عن حذيفةَ قالَ كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ إذا حزبَهُ أمرٌ صلَّى (سنن أبي داود)
وكان صلى الله عليه وسلم يقول :( يا بلالُ أقمِ الصلاةَ، أرِحْنا بها) سنن أبي داود ، فالصلاة راحة وطاقة وتجديد وطمأنينة .
ثالثا الاجتهاد في مساعدة الضعفاء :
وله فوائد عدة منها :
- تفريج كربات المسلمين من أحب الأعمال إلى الله (وأَحَبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سرورٌ تُدخِلُه على مسلمٍ ، تَكشِفُ عنه كُربةً ، أو تقضِي عنه دَيْنًا أو تَطرُدُ عنه جوعًا ) صحيح الترغيب الألباني
- تخرج المكتئب من سجن الوحدة إلى رحابة العطاء والشعوربالسعادة والثقة بالذات
- تصيبه دعوات المستضعفين والمحتاجين الذي فرج كربهم (صَنائِعُ المعروفِ تَقِي مَصارعَ السُّوءِ) الطبراني.
رابعا : المداومة على الأذكار و الأدعية النبوية لعلاج الكرب والهم ومنها :
ما أخرجه أحمد وأبو داود عن نفيع بن الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت".
وما أخرجه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب يقول: "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السموات والأرض ورب العرش العظيم".
وما أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجه عن أسماء بنت عميس قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب، أو في الكرب: الله الله ربي لا أشرك به شيئا.