جملة من الانتهاكات يواجهها الأسرى الفلسطينيون خلف قضبان الظلم الإسرائيلية وفي غرف التحقيق والزنازين جعلت حياتهم داخلَها مستحيلة، وباتت إصابتهم بالأمراض المزمنة أمرًا حتميًّا تحت وطأة إهمال طبي ممنهج.
كان آخر تلك الجرائم الإسرائيلية الإعلان عن إصابة أسير بمرض السرطان بعد أيام من استشهاد الأسير سعد الغرابلي (75 عامًا) داخل مستشفى "كابلان"، جراء العلة ذاتها، التي ترافقت مع إهمال طبي أفضى إلى وفاته.
وأعلن نادي الأسير، الأربعاء الماضي، إصابة الأسير محمد عايد صلاح الدين (20 عامًا) من بلدة حزما شرق مدينة القدس المحتلة بمرض السرطان، مؤكدًا أن وضعه الصحي خطير.
وأكد المتحدث باسم جمعية واعد للأسرى والمحررين منتصر الناعوق، أن سياسة الإهمال الطبي التي تمارسها إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى هي أحد أهم الأسباب التي تهدد حياتهم.
وقال الناعوق لصحيفة "فلسطين": "الإهمال الطبي من أخطر السياسات التي تمارسها إدارة السجون بحق الأسرى، الهادفة لغرس الأمراض في أجسادهم وقتلهم".
وأضاف أن مواصلة الإهمال الطبي تنذر باستشهاد مزيد من الأسرى، خاصة المرضى منهم، كما حصل مع الشهيد الغرابلي.
وبين أن نحو (700) أسير يقبعون في سجون الاحتلال، بينهم (17) أسيرًا مصابًا بالسرطان يقبعون في مستشفى سجن "الرملة"، لا تقدم لهم الرعاية الطبية والعلاج المناسب.
وانتقد الناعوق تقصير المجتمع الدولي ومؤسسات حقوق الإنسان في فرض رقابة على سجون الاحتلال وتعاملها مع الأسرى الفلسطينيين خاصة في الناحية الصحية والمماطلة في تقديم العلاج والأدوية وإجراء العمليات الجراحية، مؤكدًا أن هذا التقصير جعل من الأسرى فريسة للمرض وتغول السجان.
ودعا السلطة لتفعيل الأدوات القانونية ومحاسبة الاحتلال على الجرائم التي يرتكبها بحق الأسرى، بالإضافة إلى تفعيل المقاومة الشعبية.
سوء الرعاية
في حين عدّ مدير الإعلام في وزارة الأسرى والمحررين إسلام عبده، سجون الاحتلال أنها بيئة خصبة ومكان مثالي لانتشار الأمراض والأوبئة، مرجعاً ذلك لقلة التهوية والمساحة الصغيرة للغرف والأقسام، التي بدورها لا تناسب الاكتظاظ الكبير للأسرى داخل السجون.
واتهم عبدو خلال حديثه لصحيفة "فلسطين" سلطات الاحتلال بتطبيق منهجية الإهمال الطبي بحق الأسرى، "وليس أدل على ذلك من ارتفاع أعداد الأسرى المرضى".
وأكد عبده أن إدارة سجون الاحتلال تتعمد زرع المرض وتفشيه في أجساد الأسرى من خلال عدم تقديم رعاية صحية مناسبة لهم، وتجاهل مطالب الفحوصات وعدم توفير الأدوية الملائمة لكل مرض، بالإضافة إلى سوء الغذاء المقدم لهم.
وأشار إلى أن (224) أسيرًا استشهدوا داخل سجون الاحتلال نتيجة الإهمال الطبي المتبع، في حين استشهد عشرات آخرون بعد تحريرهم بسبب الأمراض التي لازمتهم بعد الإفراج.
وذكر أن الإعلان عن إصابة الأسير صلاح الدين بالسرطان يأتي بعد أيام قليلة من الإعلان عن استشهاد الأسير الغرابلي الذي تعرض لجريمة الإهمال الطبي بعد 26 عامًا في الاعتقال.
وحذر عبده من تزايد حالات الإصابة بالسرطان بين الأسرى، داعيا المنظمات والمؤسسات الدولية للضغط على سلطات الاحتلال، والاطلاع على أوضاع الأسرى، وتقديم احتياجاتهم الصحية والإفراج عن المرضى لحمايتهم من الموت.
أمراض قاتلة
من جهته قال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين اللواء قدري أبو بكر: إن إدارة سجون الاحتلال وبتوجيهات من مستواها السياسي تتعمد ارتكاب الجرائم الصحية بحق الأسرى، وترك أجسادهم مرتعًا للأوبئة والأمراض الفتاكة والقاتلة.
وأكد أبو بكر في تصريح له أن مئات الأسرى المرضى في سجون الاحتلال ومراكز التوقيف والتحقيق وفيما تسمى عيادة سجن "الرملة" يئنون من ويل العذابات والآلام، وتتزايد تلك الحالات بشكل شبه يومي بين إصابات بالرصاص لمعتقلين جدد والأمراض الطفيفة والمزمنة، التي كان آخرها الإعلان عن إصابة الأسير صلاح بسرطان في الأنسجة.
وتواصل سلطات الاحتلال اعتقال نحو خمسة آلاف أسير، بينهم (200) طفل و(700) يعانون أمراضا مختلفة، بينهم 17 أسيرا مصابا بالسرطان، و(450) معتقلًا إداريًا وفق إحصائيات رسمية.