فلسطين أون لاين

​بعد أزمة الرواتب.. إلى أين يتجه المشهد الفلسطيني؟

...
صورة أرشيفية
غزة - يحيى اليعقوبي

ما مآلات مباحثات لجنة التفاهم مع حركة حماس التي خرج بها اجتماع اللجنة المركزية لحركة فتح في أعقاب قرار الخصم من رواتب موظفي السلطة في غزة؟ ولماذا ذهبت حكومة الحمد الله إلى خلق أزمة جديدة إذا كانت معنية فعلاً باستعادة الوحدة؟ وما جدية المهمة التي أوكلت لفتح في غزة؟ تساؤلات عدة تطرح أمام مشهد فلسطيني بات معقدا وعصيا على الفهم في ظل الحديث عن مشروع سياسي إقليمي تقوده الإدارة الأمريكية.

أمام ذلك، يرى الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن السلطة الفلسطينية أرادات القول لحركة حماس "إما أن تقبلي بحكومة وحدة وطنية على أساس برنامج منظمة التحرير، والدخول ببرنامج المفاوضات والتسوية أو أن تصمتي (..) مما يقلص آمل تحقق المصالحة الفلسطينية".

واستبعد عوكل في حديثه مع صحيفة "فلسطين" أن يكون الخيار المطروح الآن هو دولة غزة، أو دولة فلسطينية بسيناء "لأن هكذا خيار يمكن أن يطرح في مرحلة الصفر، لكن الخيار المطروح حاليا يغلب عليه طابع اقتصادي له علاقة بتطبيع سياسي بين الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي، مقابل موافقة الأخير على دولة فلسطينية لا تلبي المشروع الوطني".

ويعتقد أن رئيس السلطة محمود عباس "أراد إخراج غزة من التأثير في المشهد السياسي، لكنها ستكون ضمنه بعد إجراء ترتيبات سياسية إقليمية"، مشيرا إلى أن سياسات الإدارة الأمريكية إزاء القضية الفلسطينية "مختلفة مع وجود حراك عربي يرغب في تحريك التسوية".

خيارات سياسية

ويهدف ذلك، إلى الوصول لدولة فلسطينية ضعيفة ليست بالقياسات الفلسطينية واستعادة غزة كجزء من ذلك، وهذا معناه الدخول في حرب طاحنة أخرى ولكنها مسألة وقت، كما يؤكد المحلل السياسي.

لذلك هناك محاولة، والكلام لعوكل، لاستثمار أزمة تقليصات رواتب موظفي السلطة للضغط على حماس، للموافقة على حكومة وحدة وطنية وفق برنامج منظمة التحرير، وإلا فإنه سيتم تحميلها مشكلة عدم اتمام المصالحة، ليكون مبررا لمواصلة الضغوط على غزة.

وحول إمكانية موافقة "حماس" على تشكيل حكومة وحدة وفق برنامج المنظمة؟، أكد أن حماس لن تقبل ببرنامج يعترف بالاحتلال الإسرائيلي، قائلا: "ليس هناك إمكانية لتحقيق ذلك، سيما وأن لدى حماس توجهات أكثر إيجابية باتت واضحة ستعلن عنها في وثيقتها السياسية".

منطق الراية البيضاء

ويؤكد عوكل أن السلطة الفلسطينية تسعى لفرض منطقها السياسي على حماس بالقوة اعتقاداً منها بأنها سترفع "الراية البيضاء"، مشيراً إلى أن عباس "يشعر أنه بوضع سياسي مرتاح، في ظل أجندة سياسية أمريكية وإقليمية سينتهي بمؤتمر إقليمي قادم".

وتوقع المحلل السياسي، أن تواصل السلطة استراتيجية خلق الأزمات ومنها، اللعب برواتب الشهداء والأسرى والجرحى، ومخصصات التعليم، والكهرباء، والصحة "بغرض تطويع الحالة السياسية الفلسطينية على المستويين الشعبي والفصائلي بشكل يسمح بتمرير الخيار السياسي الإقليمي بكافة شروطه المطروحة (...) بمعنى أدق تقليص الدولة الفلسطينية التي جاءت بها اتفاقية أوسلو على أساس حدود 67".

ويعتقد عوكل أن "صناعة الأزمات والحروب من أجل إنجاح أو تمرير السياسات أمر طبيعي، خاصة وأن الانقسام الموجود يوفر ذريعة لخلق المزيد من الأزمات، بحسب إمكانيات المقاومة"، ملفتاً إلى أن "موازين القوى ليست فلسطينية داخلية فقط وإنما بأبعاد إقليمية ودولية".

تجاوز التعقيدات

إلا أن الكاتب إبراهيم المدهون، يرى أن حماس لا تمانع الدخول في حكومة على أساس وحدة ومشروع وطني يشارك فيه الكل الفلسطيني، غير أن الواقع يقول بأن السلطة تتبنى مشروع فصل غزة سياسياً وجغرافياً.

وأشار المدهون في حديث لصحيفة "فلسطين"، إلى أن لجنة التفاهم مع حماس "لا تحمل أي عروض سياسية للحركة، وما تم هو محاولة للمراوغة والهروب من استحقاقات المصالحة، لحشر حماس في زاوية لتظهر أمام الرأي العام بمظهر المعطل والمتسبب بالأزمات".

ويؤكد المدهون أن السلوك السياسي لرئيس السلطة مع اتفاقات وجولات المصالحة التي امتدت لأكثر من 10 أعوام "تظهر بشكل واضح أن عباس غير معني بإجراء انتخابات أو تفعيل منظمة التحرير، وتخالف ممارساته السياسية تنظيراته الخطابية".

وقال: "المطلوب إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية والاتفاق على برنامج سياسي يلبي الطموحات السياسية الفلسطينية (..) أما إذا كانت المصالحة المطروحة إطارًا لتمرير أجندات سياسية وتجاوز واقع المقاومة الفلسطينية والمجلس التشريعي، فإنه من الصعب أن تدخل حماس كشاهد زور".