أكد نقابيون واقتصاديون ضرورة مواءمة الدراسة الجامعية مع احتياجات السوق المحلي والخارجي، وتكثيف الجهود المشتركة نحو تعزيز التوجه للتعليم التقني والتدريب المهني في ظل ارتفاع نسب البطالة، وانتشار الفقر وضعف السياسات التنموية.
وأوصى هؤلاء بتشكيل مجلس مشترك يعمل على تنسيق البرامج التقنية والمهنية والتشبيك بين كل الفعاليات على المستوى الحكومي والقطاع الخاص، وتعزيز ثقافة التعليم التقني لدى الأسر التي تصر على إلحاق أبنائها بالتخصصات التقليدية.
وقال الاختصاصي الاقتصادي د. أسامة نوفل: إن الجامعات والكليات الفلسطينية تخرّج كل عام نحو 40 ألف خريج، بيد أن السوق المحلي بالكاد يستوعب 8 آلاف خريج، وهذا جعل أرقام البطالة في أوساط الخريجين مرتفعة جدًا.
وأضاف نوفل لصحيفة "فلسطين"، أن هذه النسبة المرتفعة من البطالة في أوساط الجامعيين، تستدعي أن يكون هناك اهتمام بالتخصصات غير التقليدية، والتوجه نحو التخصصات التي يحتاج إليها سوق العمل"، مشيرًا إلى أنه بعد الثانوية العامة يتوجه 70% من الألمان نحو التعليم التقني والمهني، وهذا جعل معدلات البطالة لديهم منخفضة جدًا، وأبقى ألمانيا في صفوف الدول المنتجة والقوية اقتصاديًا.
وأشار نوفل إلى أن المؤسسات التعليمية في "فلسطين" -للأسف الشديد- تحاول أن تستثمر وتحقق مكاسب مالية على حساب احتياج السوق، وتتجاهل مصير الطالب بعد التخرج، إذ إنها تُخفِّض مفاتيح التنسيق لدخول التخصصات العلمية، كالطب والهندسة من أجل جلب المال.
ونبه نوفل إلى أن أولياء الأمور يشاركون في زيادة معدلات البطالة في أوساط الخريجين حينما يفرضون على أبنائهم الالتحاق بتخصصات لا يحتاج إليها سوق العمل.
وقارن نوفل الاهتمام بالتعليم التقني بين الضفة الغربية وقطاع غزة، عادًّا أن الضفة بها حداثة وتعدد للتخصصات، وتجارب غزة جيدة لكنها ما تزال محدودة، داعيًا إلى إعطاء الملتحق فرصة كبيرة في التدريب العملي؛ ليكون جاهزًا لمزاولة التخصص.
وأهاب نوفل بتوفير تسهيلات مصرفية لمدة طويلة ودون فوائد، ومنحِ إعفاءات ضريبية للمشاريع الصغيرة الخاصة بالشباب من أجل الحد من البطالة.
من جانبه قال العضو في الأمانة العامة لاتحاد عمال فلسطين، د سلامة أبو زعيتر: إن التعليم التقني والتدريب المهني أقصر الطرق لسوق العمل في ظل ارتفاع نسب البطالة، وانتشار الفقر وضعف السياسات التنموية وعجزها عن استحداث فرص عمل جديدة تنسجم مع حجم الخريجين.
وبين أبو زعيتر لصحيفة "فلسطين" أن ارتفاع نسب البطالة بين الخريجين يؤكد عدم انسجام تخصصاتهم الأكاديمية والسياسات الوطنية للتعليم العالي واحتياجات سوق العمل (العرض والطلب)، عادًّا ذلك مؤشرا خطِرا لما هو قادم ويجب الوقوف عليه، فمعظم التخصصات الجامعية فيها فائض، وهناك ارتفاع بنسب البطالة بين خريجيها من كلا الجنسين، وأكثرها بين صفوف الخريجات.
ونبه إلى أن سوق العمل المحلي قدرته على استحداث وظائف وفرص عمل جديدة محدودة جدًا، وتكاد تكون معدومة في ظلِّ الواقع الذي نعيشه من حصار وفقر، بالإضافة إلى الكثير من المشاكل المالية التي تعصف برأس المال، حيث أطاحت به.
وبيّن أن القارئ للسياسات الوطنية والمتابع للدراسات الاقتصادية والخطط والبرامج لمواجهة البطالة، يجد أن معظمها يؤكد أن إحدى الوسائل والطرق لاستحداث الوظائف وخلق فرص عمل جديدة في المجتمع الفلسطيني المشاريع الصغيرة والمتناهية في الصغر والتعاونيات والمبادرات الشبابية، وأن هذه المشاريع أو المبادرات تحتاج إلى مهارات معينة ليستطيع الشاب أو الفتاة سواء منفردًا أو عبر استثمار جماعي أو تعاوني فتح مشروع خاص، وهنا يكون للتعليم التقني والمهني دور فعال.
وأكد أبو زعيتر أهمية تعزيز ثقافة المجتمع ووعيه نحو التعليم التقني والتدريب المهني مدخلًا لتحصين الخريجين وتمليكهم مهارات وقدرات تقنية مميزة تمكنهم من مواجهة المستقبل والظروف الاقتصادية الصعبة.
كما دعا الحكومة والشركاء الاجتماعيين والجامعات ومراكز التدريب المهني للتعاون في تطوير السياسات الوطنية للتعليم العالي والتقني والمهني بشكل يناسب ويوائم مستقبل المهن واحتياجات سوق العمل وتطوره.