فلسطين أون لاين

مشاريع شبابية من الصفر.. طريق الألف ميل يبدأ بخطوة

...
فداء أبو عليان.jpg
غزة- هدى الدلو:

ظروف عديدة تكالبت على فئة الشباب، خاصة الخريجين الجامعيين، فكان الحصار المشدد الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 14 سنة، وما خلفه من سوء الأوضاع الاقتصادية، ومحدودية فرص العمل، وفيروس كورونا الذي كان له أثر على مشاريع شبابية، فوقفت بوجههم كريح عاتية، ولكنهم نهضوا بأنفسهم من بين تلك الظروف مستثمرين الإجازة الصيفية الطويلة بسبب هذا الفيروس.

الشاب أكرم طموس خريج كلية الهندسة المدنية سعى جاهدًا للحصول على تمويل لإطلاق مشروعه الخاص، ليتمكن من الإنفاق على عائلته بسبب مرض والده.

أنشأ مشروع سلة بلدنا لإعادة تدوير البلاستيك، وإدارة النفايات الصلبة، مستثمرًا دراسته الجامعية، والعطلة الصيفية، وشغفه وطاقته لأجل محاربة الظروف الصعبة، وتوفير الاحتياجات البيتية.

لم ينتظر طموس تخرجه لينشئ مشروعه الخاص، فسبق أن تنقل بمهن مختلفة على مدار الأعوام الماضية، لتوفير المصروف اليومي، فعمل في العطلة الصيفية على عربة متنقلة لبيع الكبدة ثم السجائر، وعاملًا في سوبر ماركت، وغيرها، حتى أصبح له مشروعه الخاص الذي تحدى به البطالة.

ويشير إلى أن المشروع عبارة عن تطبيق إلكتروني يتواصل عبره مع المواطنين ويشتري النفايات المفروزة مقابل مبلغ مالي ليعاد تدويرها، بهدف الحد من تراكم النفايات الصلبة في قطاع غزة، حيث يُجمع ما يقارب 2000 طن يوميًّا من النفايات غير المستغلة في إعادة التدوير؛ وفق حديثه.

ويضيف طموس: "من فوائد هذا المشروع القضاء على المكبات العشوائية، وتعزيز ثقافة الفرز لدى المواطن وجعله السبب الرئيس في حل المشكلة، وإيجاد فرصة عمل لنفسي ولأصدقائي، وعدم التقيد وانتظار عقد بطالة أو وظيفة ربما تأتي وربما لا في هذه الظروف الصعبة".

وفي هذه المشاريع الفردية هناك مشاكل تواجههم، تتمثل في إنشاء المشروع من الصفر، وقلة الداعمين لهم، "فضلًا عن الوضع الاقتصادي الصعب، ما يسبب في بطء نمو المشاريع".

ويوضح أن المشروع يعزز عند الناس ثقافة فرز النفايات، بتحفيزهم بالعامل المادي لتقدير جهودهم في الفرز، وتقليل كمية النفايات، ما يقلل حرق وطمر النفايات، ويحسن المستوى الاقتصادي، ويخلق فرص عمل لعدد كبير من الشباب.

وكان لجائحة كورونا الأثر السلبي، فقد أعاقت تبني بعض المؤسسات للمشروع، إذ اتجهت نحو الجانب الصحي أكثر من تطوير المشاريع الريادية، ويطمح طموس أن تصبح لديه شركة لإدارة النفايات الصلبة.

عمل خاص وآمن

أما الوضع الصعب الذي يواجه الطلبة الجامعيين -خاصة الخريجين- يدفعهم للتفكير مسبقًا في مشاريع تنقذهم من البطالة قبل الوقوع فيها، فعمد الشاب فداء أبو عليان خريج كلية الصيدلة إلى إطلاق مشروع خاص في مجال الزيوت الطبيعية والكريمات، وقد لجأ إليه بهدف الحصول على مصدر رزق آمن وخاص.

يقول أبو عليان لصحيفة "فلسطين": "مع شح الوظائف يصبح لازمًا على الشخص إيجاد فرصة عمل ليكسب منها رزقه، فكانت فكرة صنع الكريمات والزيوت والابتعاد عن العمل التقليدي".

وابتكر الماكينات الخاصة بالزيوت، وكذلك أوجد حلولًا بديلة للعمل، وأنتج الزيوت بجودة عالية تفوق بكثير الزيوت المستوردة، التي كان يواجه مشكلة لصعوبة توافرها، وكان لهذا المشروع أثر في تحسين وضعه الاقتصادي.

وفي تقرير للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني يستعرض أوضاع الشباب في المجتمع الفلسطيني عام 2019م، ظهر ارتفاع في مستويات التعليم يرافقه ارتفاع في معدلات البطالة، خاصة بين الخريجين.

وأظهرت دراسة أن هناك فجوة بين التعليم والعمل، وبين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، ما يستدعي تسليط الضوء على التخصصات التي يجب أن يلتحق بها الطلبة.

وبين الجهاز أن معدل البطالة ارتفع بين الشباب (18-29 سنة) في الضفة الغربية وقطاع غزة عام 2018م ليصل إلى 45% (36% بين الذكور و70% بين الإناث) مقابل 37% (36% بين الذكور و43% بين الإناث) في عام 2008م، من جانب آخر انخفض معدل البطالة بين الشباب (18-29 سنة) في الضفة الغربية من 28% عام 2008م إلى 27% عام 2018م، لكن ارتفع في قطاع غزة من 53% إلى 69% خلال المدة نفسها.

وأشار إلى أن أكثر من نصف الخريجين الشباب عاطلون عن العمل، فبلغ معدل البطالة بين الخريجين (15-29 سنة) من حملة الدبلوم المتوسط فأعلى 58% خلال عام 2018م (40% للذكور و73% للإناث) مقابل 45% في عام 2008م (37% للذكور و54% للإناث).

استنادًا إلى نتائج مسح الشباب الفلسطيني 2015م أظهرت النتائج أن نحو 24% من الشباب (18-29 سنة) حاولوا إنشاء مشاريع خاصة، بواقع 17% في الضفة الغربية و34% في قطاع غزة، مع فروق واضحة حسب النوع إذ بلغت نسبة الشباب الذكور الذين حاولوا إنشاء مشاريع خاصة 33% مقابل 14% من الشابات.

وهناك 17% من الشباب لديهم بالفعل مشاريع خاصة، بواقع 20% في الضفة الغربية و15% في قطاع غزة، أما على مستوى النوع فهناك 22% من الشباب الذكور لديهم بالفعل مشاريع خاصة مقابل 6% فقط من الإناث.