وقع الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي ومحررون بين نارَيْن: نار السلطة التي تواصل قطع رواتبهم، ونار البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية لإقدامها على إغلاق حساباتهم المصرفية بعد تعطيل بطاقات الصراف الآلي الخاصة بهم.
وتفاجأ محررون، وفق ما قالوه لجمعية واعد للأسرى والمحررين أمس، بإغلاق البنك العربي حساباتهم المصرفية، بعد تعطيل بطاقات الصراف الآلي الخاصة بهم، في محاولة للانصياع لقرار ما يسمى "الحاكم العسكري الإسرائيلي" الذي حذر فيه البنوك من الاستمرار بصرف مستحقات ومدخرات الأسرى وذوي الشهداء.
وكان قائد جيش الاحتلال في الضفة الغربية قرر في وقت سابق عد الرواتب التي تدفعها السلطة في رام الله، للأسرى في السجون الإسرائيلية "مدفوعات محظورة"، في ظل مواصلة السلطة قطع راتب أسرى ومحررين من حركتي حماس والجهاد، إضافة إلى موظفين محسوبين على "التيار الإصلاحي" بحركة فتح الذي يقوده النائب محمد دحلان.
تساوق مع الاحتلال
وأوضح المتحدث باسم جمعية واعد للأسرى والمحررين منتصر الناعوق، أن البنك العربي شرع بإغلاق حسابات أسرى ومحررين، استجابة لضغوط إسرائيلية.
ودعا الناعوق في حديث لصحيفة "فلسطين" السلطة في رام الله، لفرض قراراتها على البنوك الفلسطينية، والعمل على صرف رواتب ومخصصات أهالي الأسرى والمحررين، وألا تنصاع لضغوط الاحتلال.
ووصف تجاوب البنك العربي مع قرار الاحتلال بالخطوة المستهجنة وطنيَّا وفلسطينيَّا وتهدف إلى ملاحقة الأسرى والمحررين والتضييق عليهم، مضيفًا: "كان الأجدر بالبنك العربي الوقوف إلى جانب الأسرى وألا يغلق حساباتهم".
وأشار الناعوق إلى أن هذه الخطوات في إطار الحرب المعلنة التي يقودها الاحتلال ضد أسرانا خلف السجون، فلم يكتفِ باعتقالهم وممارسة أبشع الجرائم بحقهم بل عمل على ملاحقتهم في مصدر دخلهم وقوت أطفالهم وذويهم من خلال القرصنة على رواتبهم من موازنة السلطة، ووصفهم بـ"الإرهابيين" وصولًا لإصدار قرارات وتعليمات للبنوك بإغلاق حساباتهم.
وجدد التأكيد أن راتب الأسير حق لدعم صموده وتثبيته لأنه ضحى بزهرة شبابه وناضل ودخل السجون من أجل أن نحيا بحرية وكرامة، مؤكدًا أن القانون الفلسطيني كفل له هذا الحق.
ودعا الناعوق لمساندة الأسرى والعمل الجاد والفوري لإنهاء معاناتهم وصرف رواتبهم لا أن يتم التضييق عليهم وعلى أسرهم، موضحًا أن الهدف من التضييق على الأسرى هو كسر إرادتهم وتجريم نضالهم في مقاومة الاحتلال.
كما طالب السلطة في رام الله بصرف رواتب الأسرى المقطوعة، وأن تلزم سلطة النقد البنوك العاملة في الأراضي الفلسطينية بصرف رواتب الأسرى والمحررين كونها تخضع للأنظمة واللوائح الفلسطينية.
ونبه الناعون إلى أن أكثر من (130) أسيرا من قطاع غزة مقطوعة رواتبهم من السلطة منذ أكثر من عامين، مشيرًا إلى أنه لم يتسنَّ حصر أعداد الأسرى المقطوعة رواتبهم في الضفة الغربية.
وبحسب تقديرات شبه رسمية، تصرف السلطة في رام الله رواتب شهرية لنحو (12) ألف أسير ومحرر داخل سجون الاحتلال وخارجها، غير أن مئات من الأسرى والمحررين محسوبون على حركتي حماس والجهاد الإسلامي إضافة إلى موظفين محسوبين على "التيار الإصلاحي" بحركة فتح قطعت السلطة رواتبهم بزعم معاداتهم الشرعية.
تعطيل بطاقات الصراف
وأكد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر، عدم قدرة أهالي الأسرى والمحررين على استلام رواتبهم عبر بطاقة الصراف الآلي، خاصة بعد قرار "الحاكم العسكري الإسرائيلي" في التاسع من آذار/ مارس المنصرم، الذي حذر فيه البنوك من الاستمرار بصرف مستحقات ومدخرات الأسرى وذوي الشهداء.
وأشار أبو بكر لصحيفة "فلسطين" إلى أنه لم يتسنَّ حتى اللحظة معرفة البنوك التي أغلقت حسابات أسرى ومحررين، "وسيتم خلال الأيام القادمة الاطلاع على عمل البنوك فيما يخص رواتب وحسابات الأسرى".
وذكر أنه خلال الأشهر الماضية تمكن أهالي الأسرى، ومحررون، من استلام رواتبهم من داخل البنك وليس عبر الصراف الآلي الذي أوقف منذ أشهر، لافتًا إلى أنه وفق الاجتماع الذي عقد مع إدارة البنوك في وقت سابق، تم التوافق على أن تلتزم البنوك بصرف الراتب لحين تطوير مؤسسة مصرفية لتصبح بنكًا خاصًا بالأسرى.
وبين أبو بكر أن فكرة إنشاء البنك جاءت بعد قرار "الحاكم العسكري الإسرائيلي"، وأن وزارة المالية تعمل على إنجازه.
وعن قطع السلطة رواتب عدد من الأسرى والمحررين، أفاد أبو بكر بأن الهيئة تعمل جاهدة من أجل إنهاء معاناة الأسرى المقطوعة رواتبهم وإعادة صرفها.
وتواصل سلطات الاحتلال اعتقال نحو خمسة آلاف أسير، بينهم (200) طفل و(700) يعانون من أمراض مختلفة، و(450) معتقلا إداريا وفق إحصائيات رسمية.