مرّ اليوم الأول من يوليو تموز ولم يصدر نتنياهو قرار الضم الذي وعد به ناخبيه. هذا جيد لنا لحظيا، وعلينا أن نتذكر أنه لم يصدر عنه قرار بالتخلي عن مشروع الضم، أو قرار بتجميد الضم، أو قرار بتأجيل الضم. وهنا علينا أن نتساءل لماذا لم يصدر عنه قرار الضم في الموعد المضروب، ؟! ولماذا لم يصدر عنه قرار آخر يوضح الموقف؟!
الإجابة تكمن في تعميق موقف نتنياهو والبيت الأبيض أيضا. وقبل ذلك نقول إن عدم صدور قرار الضم في حينه، يعني أن مصالح ( إسرائيل وأميركا) طرأ عليها مستجدات في الأيام الأخيرة، دفعت الطرفين الإسرائيلي والأميركي إلى التريث والانتظار، ولكن دون قرار رسمي بذلك، ودون توضيح لطبيعة الموقف من قرار الضم والتوقيت، وترك الرأي العام في منطقة رمادية، يتكهن، ويحلل.
ما أراه تعقيبا على ما فات، أن قرار (إسرائيل) بالضم ما زال قائما، ولا تغيير عليه، وسينفذه نتنياهو في التوقيت المناسب له وللبيت الأبيض، بالتفاهم بينهما، وهذا العزم المؤكد على استبقاء القرار نشطا للتنفيذ، هو ما دفع نتنياهو إلى التوقف عن إصدار توضيح ، أو إصدار قرار بالتجميد، أو الإلغاء.
القرار قائم، ونتنياهو ينتظر نضج الزمن والتوافق مع البيت الأبيض؟ ثمة احتمال أن البيت الأبيض قد طلب التأجيل دون إعلان، لأن مستشاري ترامب أخبروه أن قرار الضم في هذا التوقيت سيضعف فرص نجاحه في الانتخابات القادمة. حيث يرفض خصمه الديمقراطي بايدن الضم، ويعده مضرا بالسياسة الأميركية الخارجية، ومن ثمّ فيمكن لبايدن أن يؤكد على ما قاله جون بولتون مستشار الأمن القومي المستقيل من حكومة ترامب، في كتابه، حيث اتهم ترامب بالجهل في السياسة الخارجية.؟!
قرار الضم إذن يواجه على نحو غير متوقع مع تراجع فرص نجاح ترامب في الانتخابات القادمة، وما يعزز هذه المواجهة السلبية هو تزايد اتهامات المعارضة لترامب بالفشل في إدارة ملف السياسة الخارجية، وهو فشل مسبب بضعف قدرات الرئيس في هذا الملف، وهنا يذكر المعارضون لترامب من ملفات الفشل ( الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وملف العلاقات مع روسيا، وملف كورونا، وعدم قدرته على تنسيق موقف موحد مع دول أوروبا في قضية ضم أجزاء من الضفة؟!)
يبدو أن البيت الأبيض أدرك مؤخرا أن الضم سيجلب ضررا لترامب، ويقلل من فرص نجاحه في الانتخابات، وأنه سيدخله في معركة مع دول مهمة في العالم، ومع مواقف الفلسطينيين ودول عربية أيضا، وأن تجاوز قرار الضم في هذه الفترة، دون إعلان واضح عن التأجيل أو التجميد، هو الأنسب، ويمكن لنتنياهو أن يجري أعمالا من مشروع الضم على الأرض تحت قاعدة فرض الأمر الواقع دون إعلان.
وفي الختام نقول : علينا نحن الفلسطينيين أن لا نتراجع في معركة توحيد الكل الفلسطيني للتصدي لقرار الضم، فالقرار ما زال قائما، ولم يصدر من حكومة الاحتلال بيان يلغيه، أو يعلن عن تجميده. الأغوار ما تزال تحت تهديد الضم في أدنى فرصة تناسب نتنياهو وترامب؟!