فلسطين أون لاين

مناورات "الضم" بين التدرج والتأجيل

بحسب هيئة البث الرسمية الصهيونية "كان"، أبلغ نتنياهو مقربيه أن مخطط الضم لن ينفذ في الأول من يوليو تموز؛ بسبب عوائق سياسية وأمنية، ومن ضمنها قرار محكمة الجنايات الدولية.

في الوقت ذاته، نفى نتنياهو أن يكون لموقف حزب "أزرق أبيض" أي أهمية في الاعلان عن قرار الضم؛ باعتباره شرطًا امريكيًّا مسبقًا لدعم الخطوة.

وهو تصريح آخر لنتنياهو جاء بعد تصريحات لخصمه في الحكومة وزير الدفاع بيني غانتس قال فيها: إن الأولوية لمواجهة وباء كورونا، وأي ملف لا يرتبط بالوباء يمكن تأجيله.

"الضم" بشكل أو آخر تحول إلى أزمة داخل حكومة الوحدة في الكيان الاسرائيلي، وازمة اخرى في العلاقات الاوروبية الاسرائيلية، وثالثة تتخذ طابع السيولة والغموض في علاقته بالإدارة الامريكية ومراكز صنع القرار، ومن ضمنها السيادية، والأهم علاقته مع المجتمع الاسرائيلي اليهودي في أمريكا.

فالبيئة ناضجة كفاية، ومُهيَّأة تمامًا لانفجار يمزِّق حكومة الوحدة الإسرائيلية، ويقدم المزيد من المبررات لمعارضي الضم في اوروبا بشكل يوتر علاقة الاتحاد بالكيان الاسرائيلي، ويدعم في الآن ذاته موقف المعارضين والمنتقدين للخطوة الاسرائيلية داخل الولايات المتحدة الامريكية.

سياقٌ أتفق فيه بالكامل مع الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان في مقالته المنشورة أول أمس في صحيفة الغد الأردنية، وعَنْونها بـ"هل يغضب الفلسطينيون غدًا؟". كان تحليله غاية في الدقة والموضوعية؛ فالكرة في ملعب الفلسطينيين، ما جعل من يوم الأربعاء، وما يليه أيامًا حاسمة ومهمة؛ لِمَا يحمله التصعيد فيها من قيمة ومغزى سياسي وأمني ودبلوماسي كبير، ويتوقع أن تُحفز المواجهة الدول العربية المعارضة للضم إلى مزيد من النشاط والجهد لمواجهة الخطوة الصهيونية المرتقبة.

الموقف الفلسطيني والمواجهة الميدانية، سواء كانت سلمية عبر يوم الغضب الذي أعلنت عنه حركة حماس والفصائل الفلسطينية، ودعمته السلطة بالإعلان عن يوم للمواجهة مع الكيان في الضفة الغربية، سيقدم قوة دفع كبيرة لكافة التحركات المناهضةِ لمشروع الضم الصهيوني، خصوصًا أن الادارة الامريكية - رغم حماستها لمشروع الضم باعتباره إنجازًا انتخابيًّا لترمب- قلقة من الاوضاع الاقليمية المتدهورة مع ايران في لبنان والعراق وسوريا والخليج العربي؛ ما قد يفتح الباب لطفرات امنية وسياسية كبيرة تربك الادارة الامريكية، وتضيف أعباء جديدة إلى كاهلها.

في هذا السياق جاءت زيارة "بريان هوك" المبعوث الامريكي الخاص للملف الايراني للقيام بجولة في المنطقة اليوم الثلاثاء 30 حزيران يونيو تستبق الاول من تموز يوليو الحالي؛ فالمخاوف الأمريكية من تدهور سريع من الممكن أن يخلق قدرًا من الفوضى والاضطراب المربك لإدارة الرئيس الامريكي ترمب.

ورغم تطمينات نتنياهو للزائر "هوك" بأن "حروب إيران بالوكالة فشلت"، وبأن "العقوبات ناجحة"؛ فإن الحقائق الراسخة في العراق واليمن وسوريا، بل أفغانستان تؤكد أن إمكانية تداخل الملفات، وتدهور المنطقة نحو مزيد من انعدام الاستقرار مسألة مُرَجَّحة، ولا تحتاج الى كبير عناء!

نعم، الكرة اليوم في ملعب الفلسطينيين، ولكن المعركة ستمتد الى أسابيع وأشهر من المراوغة الاسرائيلية، وكثير من المناورات؛ ما يعني الحاجة إلى جهود دبلوماسية وسياسية غير منقطعة من الأردن، ومن المناهضين لخطوة "الضم".

كما تحتاج الى استراتيجية للمواجهة، تمتاز بالتصعيد المتدرج لمواجهة المناورات الإسرائيلية الخطرة، تشمل اعادة هندسة البيت الفلسطيني الداخلي، وإعادة تموضع يتناسب مع التوتر القائم في الإقليم؛ فالمعركة طويلة ومليئة بالمناورات والمراوغة، ما يتطلب قدرًا عاليًا من الجدية تستدعي حروبًا ومواجهات خاطفة وسريعة مع الكيان؛ لتسخين الأجواء، وإحباط المناورات السياسية على مدى الاشهر الخمسة المقبلة.