كثيرٌ من الظروف التي مرت بها في حياتها كبلتها ومنعتها من إكمال تحقيق حلمها، ولكنها تخطتها رغم صعوباتها، في ظل رفض البعض تقبلها ومحاولة إحباطها.
الشابة سناء الزعاقيق (28 عامًا) فلسطينية من بلدة بيت أمر شمال الخليل، رسامة أصيبت في يدها اليمنى بإعاقة حركية منذ الصغر بسبب ما تصفه بأنه "خطأ طبي" سبب لها معاناة كبيرة. لكنها لم تستسلم للإعاقة، وجعلت من القلم والريشة وسيلة للتعبير عن مشاعرها التي عكستها في لوحاتها الفنية.
في حديث مع صحيفة "فلسطين"، تقول الزعاقيق: بعد ولادتي بشهر واحد، كان هناك "خطأ طبي" في أثناء تطعيمي سبب لي إعاقة حركية في يدي، واكتشفت بغتة عندما كانت تلاعبني إحدى قريباتي، وفي أثناء محاولتي إمساك شيء بيدي لاحظَت عدم قدرتي على تحريكها والمسك بالألعاب فأخبرتْ والدتي.
"تحولت فرحتهم بولادتي إلى حزن، وانصدمت عائلتي التي ما كان منها إلا اصطحابي إلى العديد من الأطباء الذين حاولوا معالجتي ولكن لا فائدة، ولم يكن على ألسنتهم إلا أن علاجها حينما تكبر، لتعرضي لخطأ طبي شل حركة يدي"؛ تضيف الزعاقيق.
أما في مرحلة الطفولة، فتصفها بأصعب مرحلة تمر بها، لم تكن تخرج للعب، فكان الأطفال يرفضون اللعب معها بحجة أنها لن تستطيع اللعب وأنها بيد واحدة، مضيفة: "لم أكن أمارس طفولتي كباقي الأطفال، وينظرون لي نظرات جارحة، وكان البعض ينعتني بلقب "معاقة".
وفي 2012 تقول الزعاقيق إنها تعرضت لـ"خطأ طبي آخر"، وعادت بذاكرتها لتسرد وجعها قائلة: "في ذلك الوقت سمعت والدتي عن وجود طبيب معالج لمثل حالتي، فذهبت بي إلى هناك، لم أكن متفائلة، وعندما عاين الطبيب مشكلتي أخبرني أنها في معصم اليد وأحتاج إلى عملية فورية، حاولت إقناعه أن مشكلتي ليس بالمعصم بل بالعضد حيث قام بعمل تثبيت لأوتار اليد، وأصر على قراره لأخرج بخطأ طبي أفظع".
وعلى إثر ذلك دخلت في صدمة نفسية شديدة، بعد ست سنوات استطاعت أن تتأقلم على الوضع الصحي، لتكمل حياتها راضية بقضاء الله وقدره.
وقد اكتشفت موهبتها وهي في الصف التاسع، في حصة الفنون الجميلة، حينما وزعت المعلمة رسومات على الطلبة وطلبت منهم رسمها، وبعد معاينتها لرسمتها أخبرتها بأنها ستصبح رسامة في أعوامها القادمة.
وتستذكر الزعاقيق أنه في أحد الأيام طلبت معلمة مادة التاريخ رسم خريطة العالم على السبورة، فرفعت يدها وأذنت لها برسمها على السبورة، فرسمتها أمام الجميع بيدها اليسرى، وقالت لها: أنتِ رسامة منذ الآن فكيف عندما تكبرين، وشجعتها على الاستمرار.
عملت على تطوير موهبتها بمساعدة أستاذ متخصص بالفنون التشكيلية، وأصبحت تشارك بمعارض مدرسية، ومحلية، حتى صارت ترسم بناء على طلب زبائنها.
بعد انتهائها من مرحلة الثانوية العامة، درست التصميم الجرافيكي لتدعم موهبتها في الرسم التشكيلي، حتى أصبحت لوحاتها ذات طابع مميز تشارك بها في المعارض، إضافة إلى عمل لوحات وقصص الأنبياء والأطفال، ورسم الطبيعة والكاريكاتير، وغيرها.
وعملت في هذا المجال لتصبح مشهورة رغم إعاقتها لأنها آمنت بأن الإعاقة في الفكر وليست في الجسد وأن الصبر والتحدي هما مفتاح النجاح.