يعيد حسين الشيخ كلمة عباس أمام لجنة الأزمة الخاصة بالضم، التي قال فيها إن ضم الأراضي يعني عودة الاحتلال لتحمل مسؤولياته في الأراضي المحتلة، هذا ما يجدر بكم الإعلان عنه في تصريحاتكم.
الفكرة السياسية التي طرحها عباس، وكرر طرحها حسين الشيخ وعريقات وغيرهما، التي شكلت جزءا من الموقف السياسي الفلسطيني، هي فكرة جيدة شريطة ألا تكون مناورة إعلامية، وتهديدا غير قابل للتنفيذ.
نعم، هي فكرة جيدة وتعيد الأوضاع إلى طبيعتها قبل اتفاقية أوسلو، ولكن هل سلطة فلسطين جادة فيما تقوله؟ وهل ستتخذ الإجراءات الضرورية والعملية لتحميل الاحتلال تبعات الاحتلال إداريا وماليا واقتصاديا، لا سيما أن تحقيق هذا الهدف يتطلب ليس وقفا شكليا للتنسيق الأمني، بل وقفا حقيقيا ناجزا؟ هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى قد يتطلب حلّ السلطة، إذ كيف لمحتل أن يتحمل تبعات ومسئوليات الضفة والسلطة قائمة بديلا عنه، أو وكيلا له؟
أما إذا كانت فكرة عباس التي يكررها حسين الشيخ وعريقات وغيرهما هي مناورة سياسية وإعلامية، فإن المناورة لا تنطلي على قيادة الاحتلال، وسيقف الاحتلال على الحقيقة عند أول اختبار لها، وحينها يكشف الاحتلال نفاق قادة السلطة، ويلقي به في أحضان الرأي العام ليفضح نفاق السلطة، وزيف موقفها، لتكف عن التهديد والمناورة، وتتعامل مع الواقع بكلام مجرد، بحسب ما يريد نتنياهو.
إن إلقاء أعباء الضفة الغربية على المحتل هو عمل سياسي جيد، وقد يسهم في منع عمليات الضم وفرض السيادة، شريطة أن تستجيب السلطة لمقتضيات الفكرة وتداعياتها، ومنها وضع سكان الضفة في مواجهة حقيقية ويومية مع المحتل في كل المجالات، ووضع المجتمع الدولي في مواجهة حقيقية مع مخالفة ( إسرائيل) للقانون الدولي، وكشف عدم احترامها للاتفاقيات الموقعة عليها، واستخدامها عناصر القوة التي تمتلكها لتوسيع احتلالها للضفة الغربية.
نعم، السلطة تحملت عن الاحتلال كل مسئولياته في الضفة وغزة بعد اتفاقية أوسلو وحتى تاريخه، وعملت عنه عمل الوكيل عن صاحب العمل، مقابل الأجر المقرر، والعودة عن هذه الوكالة الآن لتغول صاحب العمل أمر مفيد، بل هو أمر واجب، ويعيد الأوضاع لطبيعتها القائلة: احتلال وشعب محتل، وكل محتل يتحمل مسئولية احتلاله بموجب القانون الدولي، ومن حق كل شعب أن يقاوم الاحتلال لإزالته، ولا لوم على الشعب لأنه يقاوم. فدول العالم كلها قاومت الاحتلال النازي، وقاومت الاستعمار أيضا. الفكرة صحيحة ولكن هل هي مناورة، أم حقيقة يمكن أن نلمسها وندركها بين لحظة وأخرى؟!