عقد مجلس الأمن اجتماعاً ,أمس الأربعاء, لمناقشة توجه دولة (إسرائيل) لضم أجزاء من الضفة الغربية إليها وفرض السيادة عليها. وقد قال الأمين العام غوتيرش قولا واضحا في هذه المسألة، حيث رفض مشروع (إسرائيل) للضم، وعده انتهاكا صارخا للقانون الدولي، ويقوض أسس حل الدولتين والسلام ، وقال سأستمر بالوقوف ضد أي خطوة أحادية تقوض السلام، ودعا الطرفين للمفاوضات، وقال أشجع دعما إقليميا ودوليا لحل الدولتين والجمع بين الطرفين. وأكد ميلادينوف المنسق الأممي في الشرق الأوسط في كلمته على ما جاء في مقالة غوتيريش، وقال لا يمكن أن نسمح بأن تتم عملية الضم، مؤكدا أنها انتهاك للقانون الدولي. وقال قرار الضم سيكون له تبعات كبيرة على مختلف أوجه الحياة الفلسطينية، وسيزيد المشاكل الاقتصادية .
أما كيلي كرافت، مندوبة أميركا الدائمة في مجلس الأمن، فطالبت السلطة بعدم المبالغة في ردها على قرار الضم؟! وطالبت السلطة والمجتمع الدولي بعدم رفض رؤية الرئيس ترامب، لأن فيها ما يدشن دولة فلسطينية في المستقبل؟! ودعت الطرفين للعودة للمفاوضات؟! وبالطبع فإن مثاقيل كل طرف ممن ذكروا مختلفة، ومن ثمة ترجح مثاقيل المندوب الأميركي؟!
الأنشطة التي يقدمها مجلس الأمن للدول الضعيفة، غير الأنشطة التي يقدمها للدول القوية. خذ مثلا مما تقدم آنفا من كلام جيد ومسئول لكل من غوتيريش، وميلادينوف، في رفض الضم لأنه يخالف القانون الدولي، ويهدد السلام في المنطقة، واسأل نفسك، وماذا بعد هذه الأقوال والتصريحات. مجلس الأمن لم يتبن قرارا واضحا يحدد فيه آليات منع (إسرائيل) من ضم أجزاء من الضفة إليها. بينما كانت قراراته في القضية العراقية زمن الراحل صدام حسين عملية، وتحت الفصل الخامس، الذي يتضمن عقوبات تصل إلى حد الحرب، لأن أميركا كانت تريد ذلك؟!.
لماذا كانت قرارات العراق ساخنة، وعملية، أدت إلى تقويض النظام العراقي، بينما لا شيء من ذلك في مواجهة (إسرائيل) التي تهدد السلام والاستقرار بقرار الضم. مجلس الأمن هو هو، ولكن (إسرائيل) غير العراق، ومن كانت أميركا معه فلا خوف عليه في مجلس الأمن، ومن كانت أميركا ضده في مجلس الأمن فعليه أن ينتظر العقوبات.
جيد أن توجهت السلطة لمجلس الأمن، وإن لم تحصل على قرار عملي يمنع الضم، ولكنها أسمعت دول العالم أن الأمين العام ضد قرار (إسرائيل)، وإن (إسرائيل) تهدد السلام، وكشف للعالم عن انحياز أميركا (لإسرائيل)، حيث قدمت كيلي دعما للموقف الإسرائيلي، ودعما لرؤية ترامب.
إن توقف السلطة عند المقاومة السياسية والدبلوماسية لخطط الضم لن يحقق أهدافها في منع الضم، ولكن يمكنها أن تأخذ من موقف مجلس الأمن غطاء يعزز حركة مقاومة جادة في الضفة، باتت مطلبا وطنيا، وضرورة قومية لحماية الأراضي الفلسطينية.
إن ذهاب السلطة للإعلان عن دولة فلسطينية، كانت قد أعلنت عنها في الجزائر في عام ١٩٨٨م، لن يفيدنا شيئا في منع قرار الضم، حتى ولو اعترفت عشرات الدول بهذه الدولة، لأنها ستبقى دولة ورقية لا دولة حقيقية؟!
مجلس الأمن أعطانا كلاما طيبا في القانون والحقوق، ولم يعطنا شيئا في حماية الأرض وإنفاذ القانون الدولي، لأن مناط هذه الحماية الفاعلة معلق بنا نحن الفلسطينيين الذين نعيش على الأرض، ونعيش تداعيات الضم . فهلا قامت السلطة بما هو مطلب وطني، وضرورة قومية؟!