حالة من القلق والخوف سادت بين اللاجئين الفلسطينيين القاطنين في مخيمي شاتيلا والبداوي، اللذين يقعان ضمن نطاق بلدية الغبيري جنوب العاصمة اللبنانية بيروت، بعد اكتشاف حالات مُصابة بفيروس "كورونا" في أحد أحياء البلدة المحاذية للمخيم.
وبحسب إفادة المصادر الطبية، كشف السبت الفائت، عن إصابة 6 أشخاص بفيروس "كورونا" ممن يقطنون في الأحياء المحاذية لمخيم شاتيلا، وسبق ذلك إصابة 8 آخرين من أحياء محاذية لمخيم البدّاوي، وهو ما خلق حالة من الذعر في صفوف اللاجئين، خشية انتقال الفيروس لهم.
وتزداد مخاوف اللاجئين من انتقال الفيروس إلى المخيمات، بسبب الاكتظاظ السكاني والتقارب بين السكان، إضافة إلى إهمال بعض الجهات الحكومية اللبنانية في توفير الأدوات اللازمة للوقاية من الفيروس.
مدير جمعية الشفاء للخدمات الطبية والإنسانية في مخيم شاتيلا مجدي كريّم، أكد أن أعداد الإصابات في لبنان عادت من جديد وبوتيرة أسرع من السابق، في أعقاب تخفيف الإجراءات المتبعة وإعادة فتح المرافق العامة.
وأفاد كريّم خلال اتصال هاتفي مع صحيفة "فلسطين" إجراء 119 فحصًا لعينات عشوائية من داخل مخيم شاتيلا بعد إعلان إصابة 6 مواطنين في الأحياء المحاذية، "لكن كانت النتائج سلبية أي غير مصابة".
وبيّن أن إعلان وجود إصابات خلق حالة من الخوف بين اللاجئين، مشيرًا إلى أن جمعيته باشرت اتخاذ التدابير والإجراءات التوعوية وإعطاء الإرشادات لهم.
وانتقد عدم التزام المواطنين بشكل كبير بالإجراءات الوقائية المتعلقة بفيروس "كورونا"، نظرًا إلى حاجتهم الملحة للخروج من منازلهم لتوفير قوت عائلاتهم.
وبحسب قول كريم، شكلت خلية أزمة بمشاركة "أونروا" واللجان الشعبية والفصائل وبعض المؤسسات الدولية، على مستوى لبنان، لمتابعة كل ما يتعلق بفيروس "كورونا" ومحاولة السيطرة عليه وتوفير سُبل الدعم اللازم للمواطنين.
ولفت إلى فتح مركز حجر صحي في منطقة "سبلين" بصيدا، تحسبًا لوقوع إصابات في صفوف اللاجئين، وتخصيص مدرسة تابعة لأونروا في مخيم عين الحلوة، "لكن لم يستخدما بسبب عدم وجود إصابات تحتاج للمكوث فيهما".
وفي مخيم البداوي، أكدت اللجنة الصحية في بيان لها أول أمس أنها ستكثف حالة التأهب داخل المخيم، ووضع المؤسسات الطبية كلها بحال طوارئ.
وأشارت اللجنة في بيانها إلى "وجود تنسيق كامل بين (أونروا) ووزارة الصحة اللبنانية لمتابعة الحالات المصابة وتوسيع رقعة المسح في الأحياء المجاورة"، داعية الأهالي إلى اتخاذ الحيطة والحذر والتقيد بإجراءات الوقاية من هذا الوباء المتفشي.
إلى ذلك، أكد الناشط الاجتماعي مدير جمعية الأطفال والفتوة في مخيمي شاتيلا ونهر البارد محمود عباس، أن إعلان إصابات بفيروس "كورونا" في الأحياء المحاذية لمخيم شاتيلا، يزيد من حالة القلق في صفوف اللاجئين.
وأوضح عباس خلال اتصال هاتفي مع "فلسطين" أن اللاجئين يُعانون قلة الاهتمام المباشر من الحكومة اللبنانية بقضيتهم وأوضاعهم الصحية والمعيشية المتردية، في حين يقتصر دعمهم فقط على "أونروا" وبعض المؤسسات الأخرى.
وبيّن أن سبب خوف اللاجئين هو الاكتظاظ الكبير للسكان، ما ينذر بسرعة انتشار الفيروس بينهم حال اكتشاف أي إصابة.
وأشار إلى وجود إجراءات وقائية تتخذها "أونروا" وبعض المؤسسات الأخرى، مثل إغلاق مداخل المخيمات ورش المواطنين والسيارات الداخلة والخارجة من المخيم وإليه.
ولفت إلى أن اللاجئين يعانون أوضاعًا اقتصادية واجتماعية صعبة، وازداد أكثر بعد تفشي فيروس "كورونا".
تهديد المخيمات
من جهتها قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أمس: "إن فيروس كورونا لم يعد يهدّد المخيمات في لبنان، بل أصبح داخل بعضٍ منها".
ودعا البيان الذي جاء لرئيس دائرة الصحة في وكالة "أونروا"، عبد الحكيم شناعة، جميع اللاجئين في المخيمات إلى الالتزام بالإرشادات الصحية والحفاظ على المسافة الآمنة، والابتعاد عن الأماكن المكتظة، من منطلق الحرص على الصحة العامة وتحمل كلٍّ مسؤولياتهم.
وشدد على أن "الدائرة تبذل كل جهد للحفاظ على كرامة الأهالي وصحتهم، ولن تدخر جهدًا في سبيل الحفاظ على صحة اللاجئين".
وأشار إلى أنّ "فريقًا تابعًا لوزارة الصحة سيدخل مخيمي عين الحلوة (جنوبي لبنان) والبداوي (شمالي لبنان) غدًا لإجراء فحوص PCR".
ويبلغ إجمالي إصابات كورونا بلبنان ألفًا و536؛ منها 32 وفاة، وألف و6 حالات تعاف، ولم تتوافر إحصائيات عن عدد الإصابات بين اللاجئين.
ويعيش نحو 174 ألف لاجئ فلسطيني في 12 مخيمًا و156 تجمعًا بمحافظات لبنان الخمس، بحسب أحدث معطيات لإدارة الإحصاء المركزي اللبنانية لعام 2017م.
من جهتها، دعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، إلى إعلان التعبئة العامة، صحياً ومجتمعياً، لمواجهة وباء كورونا، في مخيمات اللاجئين في لبنان.
وشددت الجبهة في بيان أمس على ضرورة وضع خطة مجتمعية، تشارك فيها المنظمات الأهلية والاجتماعية إلى جانب الاتحادات الشعبية تمكن من محاصرة الوباء في أضيق نطاق والقضاء عليه، الأمر الذي يتطلب سلسلة من الإجراءات الفورية المتعلقة بالصحة البيئية، وتعزيز دور المراكز الصحية وتزويدها بالأدوات والمواد الضرورية لخوض معركة القضاء على كورونا.
وأكدت أن العنصر الأكثر فعالية في معركة مجابهة الوباء هو في التزام المواطنين الفلسطينيين وسكان المخيمات بتوجيهات المؤسسات الصحية، وتجنب كل مظاهر الاكتظاظ والاحتكاك غير الضروري، واعتماد الآليات الضرورية للحفاظ على نظافة الفرد والجماعة.
كما دعت الجبهة وكالة الغوث إلى توفير المستلزمات والأماكن الضرورية لإجراء الفحوصات على أوسع نطاق وتخصيص أماكن تتوفر فيها الشروط الضرورية لصون صحة المشتبه بإصابتهم، وإبرائهم من المرض، وعودتهم إلى الحياة الطبيعية.