فلسطين أون لاين

مقارنة بالطائر الطنان.. جميع البشر مصابون بعمى الألوان

...
الطائر الطنان

كشفت دراسة جديدة نشرت بدورية "بي إن إيه إس" (PNAS) يوم 15 يونيو/حزيران 2020، أن طيور الطنان تستطيع أن تميز مجموعة متنوعة من الألوان غير الطيفية التي لا يمكن للعين البشرية إدراكها أو حتى تخيلها.

ويرجع ذلك إلى وجود مخروط لوني إضافي في عين الطائر غير موجود في عين الإنسان. ففي حين أن البشر لديهم ثلاثة مخاريط لونية في شبكية العين، حساسة للضوء الأحمر والأخضر والأزرق، فإن الطيور لديها مخروط لوني رابع يمكنه الكشف عن الأشعة فوق البنفسجية.

رؤية لونية ممتازة

قام الفريق البحثي بقيادة عالمة الأحياء ماري كاسويل ستودارد من جامعة برينستون الأميركية، بتدريب الطيور الطنانة البرية لإجراء سلسلة من التجارب التي كشفت أن الطيور ترى ألوانا مختلطة مثل الأشعة فوق البنفسجية + الأخضر، والأشعة فوق البنفسجية + الأحمر.

تلعب هذه الرؤية اللونية الممتازة دورا حيويا في سلوكيات الطيور بما في ذلك العثور على الطعام، وإبهار الأزواج، والهروب من الحيوانات المفترسة، والتنقل عبر تضاريس متنوعة.

تقول ستودارد "البشر مصابون بعمى الألوان مقارنة بالطيور والعديد من الحيوانات الأخرى".

تقول "لا يؤدي امتلاك نوع مخروطي رابع من الألوان إلى توسيع نطاق الألوان المرئية للطيور إلى الأشعة فوق البنفسجية فحسب، بل قد يسمح أيضا للطيور بإدراك الألوان المركبة مثل الأشعة فوق البنفسجية + اللون الأخضر والأشعة فوق البنفسجية + اللون الأحمر، ولكن كان من الصعب اختبار ذلك".

الألوان غير الطيفية

كان فريق ستودارد مهتما بشكل خاص بمجموعات الألوان "غير الطيفية"، التي لا يرى منها البشر سوى اللون البنفسجي، لأنه ينشأ عندما يتم تحفيز مستقبلات اللون الأزرق والأحمر.

وفي حين أن البشر لديهم لون غير طيفي واحد وهو البنفسجي، يُعتقد أن الطيور، بخلاياها المخروطية الإضافية، قد تكون قادرة على إدراك ما يصل إلى خمسة ألوان غير طيفية، بما في ذلك البنفسجي، والأشعة فوق البنفسجية + الأحمر، والأشعة فوق البنفسجية + الأخضر، والأشعة فوق البنفسجية + الأصفر، والأشعة فوق البنفسجية + البنفسجي.

وقد صممت ستودارد وزملاؤها سلسلة من التجارب لاختبار ما إذا كانت الطيور الطنانة يمكنها رؤية هذه الألوان غير الطيفية.

ودرّبوا الطيور الطنانة البرية ذات الذيل العريض (Selasphorus platycercus) للمشاركة في تجارب رؤية الألوان، فأعدّ الفريق أنابيب "ليد" (LED) مبرمجة لعرض عدد من الألوان، بما في ذلك الألوان غير الطيفية التي لا يستطيع البشر رؤيتها، ثم تمّ وضع هذه الأجهزة بجانب مغذيات المياه، بعضها يحتوي على ماء السكر (الذي تحبّه الطيور) بجوار أحد الألوان، في حين يحتوي البعض الآخر على ماء عادي بجانب لون مختلف.

ثم قام العلماء بتبديل مواضع هذه المغذيات، ومعرفة ما إذا كان يمكن للطيور استخدام مؤشر اللون لمعرفة أي مغذ هو.

العالم بعيون الطيور الطنانة

وفي سلسلة من التجارب العشوائية على مدى ثلاث سنوات (تضمنت آلاف جلسات التغذية)، كان الهدف هو معرفة ما إذا كانت الطيور الطنانة أظهرت تفضيلا للتغذية في محطات المياه التي تعرض تركيبات الألوان فوق البنفسجية، والتي من شأنها أن تدعم رؤيتها.

أظهرت النتائج أنه يمكن للحيوانات أن تميز بسهولة بين الأنواع المختلفة من الألوان غير الطيفية للحصول على مكافأة حلوة.

يقول المؤلف المشارك في الدراسة وطالب الدكتوراه هارولد إيستر من جامعة كولومبيا البريطانية، "كان من الرائع المشاهدة.. ففي الوقت الذي بدت فيه الأشعة فوق البنفسجية + الأخضر، والأخضر متطابقة لنا، فإن الطيور الطنانة ظلت تختار بشكل صحيح الأشعة فوق البنفسجية + الأخضر المرتبط بماء السكر".

وأضاف "لقد مكنتنا تجاربنا من إلقاء نظرة خاطفة على ما يبدو عليه العالم بالنسبة للطائر الطنان".

أوضح الباحثون أن إظهار أن الطيور يمكن أن تميّز بين مجموعة متنوعة من الألوان غير الطيفية يوفّر خطوة إلى الأمام في فهمنا لأبعاد رؤية الطيور.

بيد أنه لا يزال هناك الكثير مما لا نعرفه عن الآليات العصبية التي تمكّن أدمغة الحيوانات من إدراك هذه الألوان، وما زال هناك الكثير مما يجب تعلمه.

ويشير الباحثون كذلك إلى أن السؤال الأعمق هو كيف تبدو الألوان "غير الطيفية" في عيون الطيور الطنانة؟ هل تظهر الأشعة فوق البنفسجية + الأخضر للطيور كمزيج من تلك الألوان أو كلون جديد رفيع؟

لا يمكننا معرفة ذلك الآن، والتفكير في هذا السؤال غير القابل للجدل حول الألوان غير المرئية هو عبء بشري محض.

ولكن في النهاية فإن ما يهم الطائر على الأرجح ليس الطريقة التي تظهر بها الألوان، ولكن الطريقة التي تعمل بها هذه الألوان لتوفير معلومات بشأن الطعام أو الأزواج أو الحيوانات المفترسة.

المصدر / وكالات