فلسطين أون لاين

كورونا كشفت عورة السلطة الفلسطينية

كيف هذا؟ يسأل بعض وهو محق في ذلك، جانب من الإجابة عن هذا السؤال يأتي من أن كورونا جعلت أحد جهابذة السلطة الفلسطينية ذا الباع الطويل في الاقتصاد أو هكذا يقولون يصرح: ”أدركنا أننا على درجة عالية من الهشاشة المالية بعد أزمة كورونا، ونحن ليس لدينا احتياطات مالية أو عملة وطنية، وقد تعمقت مشكلتنا، ليس بفعل الوباء فقط بل لأننا نعيش تحت الاحتلال الإسرائيلي”، هذه شهادة كمن رأى النور لأول مرة!

والحكومة الفلسطينية تهدد في حال تنفيذ قرار الضم بـ”الذهاب من المرحلة المؤقتة للسلطة إلى فرض الدولة على أرض الواقع”، وأنه ”سيكون هنالك إعلان دستوري ومجلس تأسيسي وستكون فلسطين دولة على حدود 67 وعاصمتها شرقي القدس”.  كلام جميل، ولكن دعونا نرى المرحلة المؤقتة للسلطة كم من العقود مضى على هذه السلطة “المؤقتة”؟، إذا لم أكن مصابًا بالزهايمر السياسي فقد تشكلت السلطة عام 1994م بناء على الاتفاقية السيئة الصيت أوسلو، حتى لا نقول أكثر من هذا الآن. وإذا ما كنت أعرف قليلًا من العمليات الحسابية أو ما تبقى منها من المرحلة الابتدائية فإن (2020 – 1994) يعني 26 عامًا، وهذه أكبر مرحلة “موقتة” بالتاريخ -اللهم- إلا إذا ما كنا نعيش على كوكب آخر أو في زمن يمكن للإنسان أن يعمر آلاف السنين!

أما إعلان دولة فلسطينية فقد أعلن ذلك عام 1988م في المؤتمر الذي عقد في الجزائر يعني قبل 32 سنة، والسؤال هنا: ما القوة التي تمتلكها سلطة التي لا تستطيع أن تدفع المعاشات الشهرية لموظفيها، لأنها قيدت وكبلت نفسها اقتصاديًّا بمعاهدة باريس الاقتصادية؟ ما عناصر القوة التي ستستخدم لفرض الدولة على أرض الواقع؟ وكيف ستعملون على إزالة المستوطنات السرطانية التي بنيت على ما تبقى من فلسطين واحتل عام 1967م؟ هل بالذهاب إلى المجتمع الدولي متمثلًا في “الأمم المتحدة” التي لم تتمكن من تنفيذ أي من قراراتها فيما يخص القضية الفلسطينية على مدى عقود من الزمن فاقت 70 عامًا؟ أم أنكم ستقرعون أبواب الاتحاد الأوروبي الذي لم يخرج ولن يخرج في المستقبل القريب أو البعيد من تحت المظلة الأمريكية؟

لماذا تصرون على عدم الاعتراف لشعبنا أنكم فشلتم في إدارة الصراع مع العدو الصهيوني؟!، خاصة بعد أن أسقطتم  البندقية وحاربتم من يحملها واستبدلتم بحركة التحرر المفاوضات العبثية التي طالت أكثر من ربع قرن ولم تحصلوا على قيد أنملة، فالتمدد السرطاني للمستوطنات ابتلع ما تبقى من أراضي فلسطين التاريخية، وقدمتم فلسطين على طبق من فضة للمحتل منذ بداية أوسلو السيئ الصيت، وارتضيتم تسمية ما تبقى من فلسطين التاريخية أراضي متنازعًا عليها، ووضعتم رهانكم على الرباعية والإدارات الأمريكية المتعاقبة، ولم ترتهنوا إلى شعبكم ومقاومته، لا بل وقد بعتم ما حققته الانتفاضة الأولى بثمن رخيص رخيص جدًّا، وحولتم الاحتلال إلى أرخص احتلال كلفة على جميع الأصعدة، والقصص تطول!

نعود للقول إن من يصرح هذه التصريحات النارية التي تعودنا الآن يجب أن يكون لديه خطة واضحة ومتكاملة إلى جانب إستراتيجية وطنية شاملة مبنية على المقاومة، وإقامة علاقات وثيقة وإستراتيجية ليس مع من يقتلون الشعب اليمني، ولا من يضيقون الخناق على الشعب السوري، بعد أن فشلت كل مخططاتهم لتركيع سوريا شعبًا وجيشًا وقيادة، ويريدون الآن تجويع شعبه, خطة لا تستجيب لضغوطات الاتحاد الأوروبي وطلباته الابتزازية للحصول على حفنة من الدولارات، الذي يطل مندوبوه متى استشعروا مصيبة قادمة على (إسرائيل) وقرب انتفاضة فلسطينية جديدة، ولكن أهم من كل هذا هو الارتهان إلى الشعب الفلسطيني المهمش والإيمان بقدرته على الصمود والمقاومة، والكف عن ملاحقة المقاومين وتقييد تحركاتهم بحجج واهية لا معنى لها، كالقول: "إنما نفعل ذلك لحمايتهم"!

وخرج علينا البارحة أحد رموز السلطة أيضًا بتصريح ناري يهدد فيه نتنياهو، فقد صرح: ”إذا ما ضم نتنياهو ولو “إنش” واحدًا من الأراضي الفلسطينية فإن هذا يعني القضاء على السلام”، والسؤال مطروح لك -يا عزيز القارئ- هل هذا الرمز الذي بدأ المفاوضات وهو شاب والآن قد هرم هل ما زلنا نعيش على الكوكب نفسه أم أننا نعيش على كوكب آخر فلا نستوعب ما يقال من تصريحات؟! هل رجال السلطة يأكلون اللحوم وما شابه ونحن نأكل البرسيم؟! عجبي من الغباء أو الاستغباء!

المصدر / رأي اليوم