فلسطين أون لاين

التبرع بالدم.. أن تكون "شريان حياة إنسان"

...
غزة-هدى الدلو

لسبب طارئ أصيبت بنزيف في نهاية شهرها السادس من الحمل، استدعى ذلك التوجه فورًا إلى المستشفى، وبعد إجراء الفحوصات الطبية لها تبين أنها تعاني ضعفًا في الدم، ما استدعى مبيتها في العناية المركزة الخاصة بالحوامل.

باغتها ألمُ المخاض لتضع مولودتها، وخرجت إحدى القابلات من كشك الولادة مصفرَّة الوجه تناشد أهلها للتوجه مباشرة إلى بنك الدم لجلب وحدتين.

هذه بعض تفاصيل قصة أسماء الصفدي (27 عامًا)، والتجربة المرضية التي كادت أن تودي بحياتها.

في حديث مع صحيفة "فلسطين" تقول الصفدي: التبرع بالدم مهم كونه سببا في إنقاذ حياة المرضى، وخاصة المصابين بالسرطان والفشل الكلوي، وفي أوقات العمليات الجراحية، والجرحى بسبب طبيعة الأوضاع واعتداءات الاحتلال.

"التبرع بالدم عمل إنساني نبيل، يُوجب على كل شخص قادر القيام به، ليس فقط وقت الحاجة أو وقت مرض قريب أو صديق له، بل يجب أن يكون مبادرًا في الذهاب لمراكز الدم لأجل التبرع، حتى تتوافر في بنوك الدم وحدات لجميع زمراته وفصائله في أي وقت"؛ تضيف الصفدي.

ويوافق 14 يونيو/ حزيران سنويًا اليوم العالمي للمتبرعين بالدم طوعًا دون مقابل لإنقاذ أرواح الملايين، ويُرفع فيها مستوى الوعي بضرورة المواظبة على التبرّع به.

أما الطفلة سجى الشيخ عيد ذات التسعة أعوام، التي تعاني مرض لوكيميا الدم وتحتاج لزراعة نخاع لتتخلص من معاناتها، بصوت متعب تقول: "بشكر كل حد بتبرع بالدم وبنقذ حياتي وحياة أطفال آخرين".

وتُبين والدتها لصحيفة "فلسطين" أن ابنتها تحتاج لوحدتي دم وخمس وحدات صفائح دموية في الأسبوع الواحد، موزعة على ثلاثة أيام"، مشيرة إلى أن زمرة دمها نادرة (-o)، وتجد صعوبة في إيجاد الوحدات.

ونظرًا لندرة زمرة دمها كما تقول، تضطر أحيانا إلى اصطحاب متبرعين معها من رفح إلى مستشفى الشفاء في غزة.

المسؤولية المجتمعية

أما ساجي الهندي (28 عامًا) كانت له أول تجربة في التبرع بالدم في أثناء عدوان الاحتلال سنة 2014 على قطاع غزة، حيث استجاب لمناشدات وزارة الصحة للتبرع بالدم لإنقاذ حياة الجرحى.

يقول لصحيفة "فلسطين": "بين مدة وأخرى أكرر تجربة التبرع من تلقاء نفسي"، موضحًا أن منطلق ذلك شعوره بالمسؤولية تجاه أبناء مجتمعه، مع حفاظه على صحته، بالتبرع كل ستة أشهر.

وقبل مدة تلقى اتصالا للتبرع لفتاة بحاجة إلى 15 وحدة دم، كون فصيلة دمه تناسبها لكنه صدم بعدم قدرته على التبرع بسبب ضعف دمه.

كذلك الشاب ظريف الغرة، يؤكد أن التبرع بالدم واجب على كل مقتدر، لأهميته في تكاتف الناس وتلاحمهم، وأن يكونوا كالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضا، كما أنه مساهمة مجتمعية لمساعدة المحتاجين.

ويضيف: "قدمت دمي فداء لهذه الأرض، فكيف لا أقدمه لأهلي وشعبي، فنحن لا نتحدث عن مأكل أو مشرب، بل عن دم، الذي يعني الحياة أو الموت المباشر للكثير من الناس".

في السياق يقول رئيس قسم الفيروسات في جمعية بنك الدم د. نبيه الغرة: إن السحب على وحدات الدم يزيد في أوقات العدوان على قطاع غزة، وأيضًا زاد بسبب عنف الاحتلال ضد المشاركين في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية التي انطلقت في 30 مارس / آذار 2018.

وتسحب الجمعية 13- 14 ألف وحدة دم سنويًا من المتبرعين، وتغطي جميع المستشفيات، وفق الغرة.

ويضيف: "التبرع بالدم يُستخدم عند إجراء العمليات الجراحية، ولمرضى السرطان والكلى والأنيميا والثلاسيميا، وحالات نزيف ما قبل الولادة أو بعدها، ومصابي حوادث الطرق والحروق والحروب".

ويلفت الغرة إلى أن الوافد إلى بنك الدم من الوحدات بحجم الخارج، خاصة أن صلاحية الدم 35 يومًا فقط، وهذا لا يمكِّنهم من عمل مخزون إستراتيجي.

ويبين أن البنك أحيانًا يتصل بأشخاص فصائلُ دمهم نادرة للتبرع وقت الحاجة، أو من خلال الإعلان الخارجي للتبرع، كإقامة حملات في المساجد والجامعات، فالشعب الفلسطيني معطاء.

الدم منقذ لحياة المتبرع والمستفيد، يتابع د. الغرة حديثه: "فالمتبرع بالدم بانتظام يجني العديد من الفوائد الصحية، حيث يجدد الدم والخلايا، ويريح جسده من عملية تكسير كرات الدم الحمراء، ويحفز النخاع العظمي بإنتاج كرات حمراء جديدة، عدا عن الأجر والثواب عند الله".

ويضيف أن المتبرع يحصل على نتائج فحوصات المسح الخاصة به مجانًا، وبما فيها فصيلة الدم، منبهًا إلى أن كل وحدة دم يمكن أن تنقذ حياة أربعة أشخاص، خاصة في حال فصلت لصفائح وبلازما ودم.

أما المستقبل فالدم هو شريان الحياة له وتقوم عليه كل وظائف الجسم؛ وفق الغرة.

ويذكر أن هناك شروطًا للمتبرع وفق منظمة الصحة العالمية، حيث لا يقل عمره عن 18 عامًا، ولا يتجاوز 60، ولكن أحيانًا يتم التجاوز حتى عمر 65 عامًا في حال كان لا يعاني أي مشاكل صحية أو أمراض مزمنة، ويقضي ساعات مناسبة في النوم، ويتناول طعامًا صحيًا، ونسبة دمه مناسبة للتبرع، فالرجال من 14-16، والسيدات من 12-14.