فلسطين أون لاين

واجهتا ما تصفانه بـ"التنمر" من البعض

مصابتان بالمهق في يومه العالمي: "خُلقنا لنتألق"

...
غزة-مريم الشوبكي

أن تكون مختلفا عن الآخرين من خلال إصابتك بمرض المهق، يعني أنك حتما ستعيش تفاصيل في حياتك ربما لا يدركها كثيرون، لا سيما أنه نادر الحدوث.

"تزلزلها" داخليا رغم تماسكها الظاهري بالضحك، هكذا يبدو حال الشابة إيمان (20 عاما) عندما يُسمعها البعض عبارات لا تروقها، مثل: "يا حرام ما بتشوف.."، لكونها مصابة بالمهق؛ كما تقول لصحيفة "فلسطين".

لون بشرة إيمان، التي تقطن في بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة، الأبيض ورموشها وحواجبها كذلك اكتسبته بسبب خلل جيني متوارث، لا يمثل مرضا معديا ولا مخجلا فهو كأي مرض آخر.

بغصة تشكو نظرات ما تراها "تنمرا" تعرضت له من البعض، دفعتها أخيرا إلى التفكير في إخفاء وجهها لتحجب تلك النظرات عنها.

وفق الموقع الإلكتروني للأمم المتحدة، المهق حالة نادرة الحدوث يولد بها الإنسان، وهي غير معدية وإنما وراثية. وفي جميع أشكال المهق تقريباً لا بد أن يكون كلا الوالدين حاملاً للجين لكي ينتقل المهق إلى الأبناء، حتى وإن لم تظهر علامات المهق على الوالدين.

وينجم المهق عن غياب صبغة الميلانين في الشعر والجلد والعينين، ما يجعل الشخص المصاب به شديد التأثر بالشمس والضوء الساطع. ويؤدي ذلك إلى معاناة كل المصابين بالمهق تقريباً ضعفَ البصر ويكونون عرضة للإصابة بسرطان الجلد. ولا يوجد أي علاج لغياب الميلانين الذي هو السبب الأساسي للمهق.

ورغم تباين الأرقام، تشير التقديرات إلى أن واحدا من كل 000 17 إلى 000 20 شخص في أمريكا الشمالية وأوروبا مصاب بنوع ما من المهق. وهذه الحالة أكثر انتشاراً في إفريقيا جنوب الصحراء.

تفاجأت إيمان بأن لمرض المهق يوما دوليا للتوعية به، داعية إلى عقد ندوات لتوعية المجتمع بالتعامل مع المصابين به.

التحديات لم تواجهها إيمان وحدها، بل شاركتها الشابة الغزيّة إسراء، التي ولدت بالمرض الوراثي لأن والديها أبناء عم، وهذا الخلل الجيني أصابها مع أخ وأخت لها أيضا أما الأربعة الآخرون فولدوا بصبغة الميلانين.

تعيش إسراء (22 عاما) في السعودية مع والديها، وعندما كانت طفلة، أحبت اللعب مع أقرانها، لكنهم كانوا يستغربون من شكلها كما تقول.

وتتفق إيمان وإسراء في حديث مع صحيفة "فلسطين"، على أن التحديات لم تقف عند نظرة البعض، بل إلى عدم ملاءمة المدارس والجامعات لظروف مرضهما فالمقاعد بعيدة جدا عن السبورة وبسبب ضعف نظرهما لا تتمكنان من رؤية ما يكتب عليها، والكتب أيضا خطها صغير لا تبصرانه.

وتضطر الشابتان إلى طباعة الكتب الجامعية على نفقتهما الخاصة وهذا يشكل عبئا ماليا إضافيا.

لكنهما تؤكدان أنهما "خلقتا لتتألقا".

اضطرابات جينية

من جهته يبين استشاري الأمراض الجلدية د.حسن السر أن المهق هو مجموعة من الاضطرابات الجينية المتوارثة التي تؤثر في لون الجلد، والشعر، والعينين، والرؤية، وذلك بسبب قلة أو انعدام إنتاج صبغة الميلانين، مما يجعل لون الشعر والجلد لدى المصابين به بين الأبيض والبني.

ويوضح السر لصحيفة "فلسطين" أن بشرة المصابين بالمهق حساسة جدا فقد يؤدي التعرض للشمس إلى ظهور النمش أو الشامات سواء كانت بصبغة الميلانين أو وردية بدون صبغة، وبقع جلدية كبيرة، وحروق شمسية، وهناك احتمالية في إصابتهم بسرطان الجلد.

ويشير إلى أن لون الجلد والشعر قد يتغير خلال مراحل الطفولة وسنوات المراهقة ليبدو أغمق مع تقدم العمر، أما بالنسبة للعين فتتدّرج لونها من الأزرق الفاتح إلى البني مع إمكانية تغير لونها مع التقّدم في العمر، وتكون الحواجب والرموش باهتة اللون.

وينبه السر إلى أن عدم وجود صبغة في العين يجعل القزحية شفافة نوعا ما، الأمر الذي يؤدي إلى عدم قدرتها على منع دخول الضوء للعين بشكل كامل، كما لصبغة الميلانين دورا مهما في نمو وتطور العصب البصري وبذلك فإن المصاب بالمهق يعاني من مشاكل عدة في الرؤية، ومنها: قصر النظر الشديد، وطول النظر الشديد، وحساسية الضوء، وانحراف العين، وتحريف العصب البصري، والعمى الكامل.

ويوافق 13 يونيو/ حزيران سنويا اليوم الدولي للتوعية بالمهق، وهذا العام يتم الاحتفال بهم تحت شعار "خُلقوا ليتألقوا".