يقول عريقات في لقاء نظمه نادي الصحافة في القدس يوم الأحد ١٤ يونيو الجاري: إن الإسرائيليين لا يحبون الحقائق، ويعتقدون أن إنكار الحقائق ينفي وجودها، ويجب أن يدركوا أن الضم يعني الأبارتهايد والنظام العنصري. ويقول: إذا ما أقدم نتنياهو على ضم إنش واحد من الأراضي الفلسطينية المحتلة فسيكون قد قضى على أي احتمال للسلام في المنطقة. الضم يعني تدمير السلطة الفلسطينية، وستكون نهاية الحلّ التفاوضي"!
لو تأملت فيما قاله عريقات للصحافة تجد أنه يعبر عن شعور حقيقي بالخطر القادم من جراء عملية الضم، ولكن ترجمة إحساس عريقات بالخطر إلى إجراءات مضادة، وذات مغزى عملي، ليست موجودة في تصريحاته. وعدم وجود الإجراءات العملية إما أن يرجع إلى عجز عريقات والسلطة، وإما يرجع إلى غياب إرادة السلطة في الدخول في معركة حقيقية مع دولة الاحتلال.
يقولون: السلطة تتنفس من خلال رئة الاحتلال. السلطة تستمد الحياة من خلال التعاون مع دولة الاحتلال. إن وجود السلطة كان من وجود اتفاقية أوسلو. وكرسي السلطة، ورواتب السلطة، باقية ببقاء رضا دولة الاحتلال، واعتراف الاحتلال بها كسلطة تدير شئون الفلسطينيين. وهذه أقوال صحيحة، ولكن لا يجدر أن تمنع الوطني من مقاومة الضم!
هذه المعطيات التي عبر عنها عباس يوما (بعيشه تحت بساطير الاحتلال)، وحاجته هو شخصيا لإذن منه عند السفر، هي العائق الحقيقي أمام الإجراءات العملية التي فشل عريقات في ذكرها أمام الصحافة.
ما فائدة قول عريقات للصحفيين: "إن الضم يعني تدمير السلطة!. ويعني نهاية الحلّ التفاوضي! ويعني الفصل العنصري"؟! هذه الجمل الإخبارية التي تصف العواطف والمشاعر، وتقارب التداعيات، هي جمل معروفة للصحافة مسبقا، بل نحن نعرف ما هو أكثر منها. وبعبارة أخرى عريقات لم يقدم للصحافة شيئا جديدا، ولم يعدهم بأعمال ذات مغزى. عريقات يحلل، ويخبر، ويصرخ، ويستغيث، ولا مغيث، لأنك إذا لم تغث نفسك بعملك فلن يغيثك غيرك بعمله، وستبقى في دائرة التحليل وطلب الإغاثة.
عريقات يقول: الضم يضع نهاية للحل التفاوضي! وهنا نقول: وهل ثمة حلّ تفاوضي قائم قبل الضم؟! الحل التفاوضي لفظ أنفاسه الأخيرة منذ اجتياح شارون الضفة الغربية. الحل التفاوضي مات منذ فرض الاحتلال السيادة على القدس، واعترفت أمريكا بالقدس عاصمة لإسرائيل. وإن اعتراف ترامب وفريدمان بحق (إسرائيل) في ضم الضفة أكد أن الحل التفاوضي مات وشبع موتا!
ما يخيف (إسرائيل) من الموقف الفلسطيني ليس الجمل الإخبارية التي أطلقها عريقات، ويمكن أن يطلقها غيره. ما يخيف دولة الاحتلال هي الأعمال والإجراءات التي تستعيد مقاومة الشعب، وتمنحه الأمن والأمان إذا ما انخرط في مقاومة عمليات الضم، ولو كان الضم لإنش واحد، بحسب تعبير عريقات. الجمل الإخبارية يمكن أن تصدر من محلل سياسي، أما ما يجدر أن يصدر عن مسئول يشعر بخطر الضم، فينبغي أن يكون إجراءات عملية تراكمية قادرة على معاقبة الاحتلال، وتدفيعه ثمن تغوله على الأراضي الفلسطينية.