أعلن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الولايات المتحدة لم تعطِ بعدُ الضوء الأخضر لفرض السيادة الإسرائيلية على أجزاء واسعة من الضفة الغربية، في حين تتواصل الاحتجاجات الفلسطينية رفضًا لخطة الضم.
وكشف نتنياهو خلال اجتماع مع 12 رئيس مستوطنة، أمس، أن هناك خلافات في الرأي مع الأمريكيين حول مساحة الأراضي التي سيتم ضمها والتي تحيط بالمستوطنات.
وذكر أن المطلب الأمريكي الوحيد من (إسرائيل) بموجب خطة الرئيس دونالد ترامب هو اتفاق مبدئي على خوض مفاوضات مع السلطة الفلسطينية. مبينًا: "الولايات المتحدة تسمي ما يراد التحاور عليه بالدولة الفلسطينية وذلك بخلاف موقف (إسرائيل)".
وأشار إلى أنه ينوي إشراك رؤساء المستوطنات في الضفة الغربية، في عملية رسم الخرائط، مؤكدًا أن "حكومته ستحتفظ بالسيطرة الأمنية وحرية التنقل كما هو الحال عليه الآن".
ونبه نتنياهو إلى أنَّه "لم يتم حتى الآن" الانتهاء من رسم الخرائط المتعلقة بالضمِّ.
وشدد على ضرورة اغتنام هذه الفرصة التي لم تتكرر منذ 73 عامًا، خاصة مع وجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في البيت الأبيض.
وقال: "يجب ألَّا نجعل ترامب يعتقد أننا لسنا مهتمين بالخطة (صفقة القرن)".
كما أقر رئيس الوزراء بالإنابة وزير جيش الاحتلال، بيني غانتس، بأن هناك عملية تحاور مع الجانب الأمريكي وجهات أخرى (لم يُشِر إليها) حول خطة الضم، مؤكدًا ضرورة أن تكون متوازنة.
جاء ذلك خلال اجتماع مغلق مع أقطاب حزب "أزرق أبيض".
وأوضح وزير الخارجية غابي أشكنازي أن حزب "أزرق أبيض"، غير ملتزم الخطة على الإطلاق، معتبرًا أنه يجب الانتظار إلى أن تطرح على طاولة المفاوضات قبل البت في الأمر.
من جهته، أعلن رئيس المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد أنه سيعارض أي خطة لتطبيق ضم أحادي الجانب، معتبرا أن خطوة من هذا القبيل تنطوي على انعدام المسؤولية من الناحية الأمنية.
وحذر لابيد في تصريح أدلى به للإذاعة العبرية، أمس، من أن فرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، سيمس إلى حد كبير باتفاقية التسوية الموقعة مع عمان.
وقال: إنه "من البديهي أن تبقى هذه المنطقة بيد (إسرائيل) وأنه لا داعي إلى إطلاق تصريحات نحن في غنى عنها".
واتهم لابيد نتنياهو، بتغليب الاعتبارات السياسية على تلك الأمنية سعيا منه لإرضاء المستوطنين. مؤكدًا أنه "يؤيد حل الدولتين مع وجوب إقامة سور كبير بينهما".
وفي السياق ألمحت فرنسا إلى تغيير موقفها التقليدي إزاء مسألتي مكانة القدس وسيادة السلطة الفلسطينية في حال قررت حكومة الاحتلال البدء في تطبيق خطة الضم.
وهذا ما يستشف من أقوال السفير الفرنسي في "تل أبيب" أريك دانون، خلال نقاش بادر إليه اللوبي اليهودي الفرنسي "ايلينت" بمشاركة سياسيين ودبلوماسيين وأكاديميين من الدولتين.
وتوقع السفير دانون أن تشهد العلاقات بين باريس و"تل أبيب" فترة معقدة في حال قررت الأخيرة تطبيق الخطة، مؤكدًا مع ذلك أن "قصر الإليزيه سيعمل من أجل خلق حوار مبني على الصداقة تجاه (إسرائيل) ومن أجل دفع حلول جديدة إلى الإمام".
وعارض آلاف الإسرائيليين خلال تظاهرة في ميدان "رابين وسط تل أبيب"، الليلة قبل الماضية، خطة الضم.
وحمل الكثير منهم أعلاماً فلسطينية، وصورًا للشهيد إياد الحلاق، الذي قتل برصاص شرطة الاحتلال قرب المسجد الأقصى المبارك، ولافتات كُتب عليها "الضم =أبارتهايد" و"الضم حرب".
تطوير الخطاب
وفي رام الله، شارك مئات المواطنين، أمس، في مسيرة احتجاجية بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، رفضًا للخطة الإسرائيلية.
وردد المشاركون في المسيرة التي انطلقت من ميدان المنارة وسط رام الله وجابت عدة شوارع، هتافات تندد بخطة الضم.
وقال نائب رئيس حركة "فتح"، محمود العالول، في كلمة له: إن الشعب الفلسطيني يرفض كل الاتفاقيات، ويؤكد استمرار النضال المشروع من أجل نيل الحرية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
وأكد العالول: أن شعبنا قادر على إفشال كل مخططات الاحتلال المدعوم من الإدارة الأمريكية.
بدوره، أكد خبير القانون الدولي د. حنا عيسى، أن جميع الأنشطة الاستيطانية على أراضي الضفة الغربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس المحتلة، غير قانونية، وتشكل انتهاكات جسيمة للمادة 49 فقرة 6 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949.
وأوضح عيسى، في بيان، أمس، أن هذه الأنشطة تشكل جرائم حرب كما هو منصوص عليه في المادة 85 فقرة 4 من البروتوكول الإضافي الأول لسنة 1977 الملحق باتفاقيات جنيف لسنة 1949، والمادة 8 فقرة ب من نظام روما لسنة 1998.
وأوصى عيسى بضرورة تطوير الخطاب الفلسطيني للمطالبة بتفكيك المستوطنات وليس تجميدها، لا سيما أن القرارات الدولية تؤكد أن المستوطنات تمثل عقبة رئيسة أمام اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على الأراضي والموارد الطبيعية من جهة، ولكونها غير قانونية وغير شرعية طبقًا للقرارات الدولية ذات الصلة من جهة أخرى.

