قائمة الموقع

هكذا يُنهي "العمور" موسم حصاد القمح

2020-06-08T10:54:00+03:00

ينتقل منير العمور بين سنابل القمح الذهبية المنتشرة في الحقل الشاسع في منطقة الفخاري المحاذية للسياج الفاصل شرقي خان يونس، حانيا ظهره يحصدها براحتي يديه اللتين تشققتا وامتلأتا بالجروح رغم لبسه القفازات الواقية، ويضع قبعة على رأسه لتحميه من الشمس.

في 15 مايو/ أيار بدأ موسم حصاد القمح، حيث يباشر العمور (47عاما) العمل من الخامسة والنصف فجرا حتى بزوغ أشعة الشمس حوالي التاسعة صباحا، لأنه يحتاج إلى جو رطب ليسهل قطع سنابله، وحرارة الجو العالية تسهم في تكسّرها بسهولة.

الحصيدة عمل شاق يحتاج إلى جهد بدني عالٍ لأن الحاصد يقضي نحو خمس ساعات حانيا ظهره لحصد سنابل القمح وتكويمها، ومن ثم ربطها بحبال، قبل حملها ووضعها على هيئة كومة كبيرة ليتم درسها وفصل حبات القمح عن أعواد التبن.

أنهى العمور وأبناؤه الأربعة ومثلهم من العمال في 15 يوما حصاد 35 دونما من القمح نهارا، وفي الليل يكمل أبناؤه وأصدقاؤهم الحصاد.

يقول العمور لصحيفة "فلسطين" :" بذر بذور القمح يبدأ في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2020، وفي بعض الأحيان يتأخر البذر حسب بداية هطول المطر، لأنه محصول بعلي يعتمد على مياه الأمطار، ويبدأ حصاده في منتصف مايو/ أيار.

ويضيف وهو يجمع كومة القمح: "غزارة الأمطار وطول موسم المطر ينعكس على جودة حبة القمح وزيادة وزنها وغزارة الحبوب".

ويواصل العمور: "زراعة القمح تعد من التراث الفلسطيني الذي لا يمكن الاستغناء عنه، ويورث عن الأجداد، ويشكل أيضا موردا اقتصاديا مهما للمناطق الريفية".

ويلفت إلى أن 35 دونما من القمح التي يمتلكها، ينتج سبعة أطنان من الحبوب، والباقي من التبن يطعمه للأغنام التي يربيها في مزرعته الثانية.

ويشير العمور إلى أنه يبيع ستة أطنان، ويُبقي طنا واحدا للاستخدام المنزلي يخزن منه بعض الحبوب التي سيزرعها في الموسم القادم.

وينبه إلى أن تصريف القمح في الأسواق سهل مقارنة بالخضار الأخرى، في ظل تنامي الوعي بفائدة الخبز المصنوع من القمح الخالص صحيا التي تفوق الخبز الأبيض.

بعد تجميع أكوام القمح والانتهاء من الحصاد، بدأ أمير العمور بشد الحبال البلاستيكية السوداء على الحزم، حتى يسهل نقلها إلى الكومة الكبيرة التي سيبدأ منها درس القمح.

أمير (24 عاما)، الذي غطى رأسه بـ"البلوزة" التي يلبسها، يصف مقدار الجهد البدني الذي بذله في الحصيدة، والوصول إلى أقصى درجات الإجهاد.

أمير حصل على دبلوم ضابط إسعاف في عام 2016، ولم يجد عملا حتى الآن، لذا لم يجد أمامه إلا العمل في الزراعة ليكون مصدر رزقه الوحيد، لعله يجد عملا في تخصصه.

ويعمل أيضا مزارعا لخضار أخرى كالبامية والكوسا، ولكن يعد القمح هو المحصول الأوفر والأكثر ربحا، يقول: "القمح ليس فيه خسارة، وربحه مضمون، ولا يحتاج إلى أدوية ولا مياه، ولا إلى حراثة، فقط يبذر المزارع البذور ومن ثم يحصده في نهاية موسمه".

ويشير إلى أن ساعات عمله تمتد حتى 6 مساء، ومن ثم يعود بعد العشاء مع أصدقائه لإكمال الحصاد على ضوء الكشافات اليدوية، ولكن قبلها يجهز لهم اللصيمة لتكون وقودهم للعمل الشاق الذي ينتظرهم.

واللصيمة أو القرصة أو فتة العجر، هي أكلة شعبية تشتهر بها المناطق الجنوبية لقطاع غزة، وتصنع في موسم البطيخ غير الناضج تماما، ويضاف إليه الخبز المخبوز على رماد الفحم والخضراوات المشوية مضافا إليها كميات وفيرة من زيت الزيتون.

هكذا ينهي العمور موسم حصاد القمح، وينتظر درسه في الآلة ومن ثم بيعه في الأسواق، ويختار حبوبا ذات جودة عالية لكي يخزنها للموسم المقبل لزراعتها مرة ثانية.

 

اخبار ذات صلة