فلسطين أون لاين

​أطفالنا وضريبة "البريستيج"

...
بقلم / إباء طه

مؤخرًا، سألتني صديقات حول "تراجعي" عن إكمال الدراسات العليا، بعد أن قطعت فيها فصلًا واحدًا، كان مرهقًا ومتعبًا بالنسبة لي "كأم"، عدا عن الجهد الحقيقي والكبير الذي تحتاجه من الالتزام بالمحاضرات، والاطلاع، وإجراء الأبحاث اللازمة، والقراءة المرهقة.

في الوقت ذاته، عارضتني بعضهنّ قائلة: "هناك أمهات لهنّ خمسة أطفال، ويعملن خارج البيت، ويكملن دراسة الماجستير، فأين أنت من ذلك"؟

أدركت لاحقًا، أننا كأمهات قد نصنع واقعًا يأسرنا ويقيدنا فيما بعد بدواعي "تحقيق الذات" أو البحث عنها، أو في فرض واقع نعيشه من أجل مجاراة المجتمع والالتحاق بــ"البرستيج" الذي يبدو ضاغطًا علينا كأمهات أكثر من أي وقت مضى.

ما الذي يجبر "أمًّا" للخروج من منزلها، في حين يستطيع الرجل أن يحقق لها اكتفاءً ماديًا؟

ما الذي يدفع إحدانا لإكمال مسيرتها التعليمية، في الوقت الذي تجابه فيه ضغوطات عدة من حيث حاجتها لرعاية أطفالها والاعتناء بهم؟

لماذا يبدو تعاملنا مع فكرة الزمن "مرعبًا" أو بالأحرى ما الذي تخشاه "أمٌ" لو بلغت عقدها الثلاثين ولم تخُض حقل أحد العلوم؟ أوليس البحث والقراءة والاسترشاد بكل ما يتعلق بتربية الأطفال هو جزء من الدراسة الحقيقية التي على الأم أن توليها اهتمامًا!

ما الذي يدفع "أمًّا" لتعيش حالة من الضغط النفسي والإرهاق الجسدي في سبيل إكمال مسيرتها التعليمية؟ ألم يعلمونا أن العلم لا يقيّده وقتٌ ولا زمن؟ وأنه متاح متى شاء المرء منا؟ فلم كل هذه العجلة؟ وهذا الفرار من زمنٍ لآخر؟

فعليًا، وهذا ما أركز عليه دومًا في طرحي حول قضيّة الأمومة، أن استقرار علاقة الأم بأطفالها منوطٌ بفكرة "الأولويات" كلما أصبحت الأم قادرة على الحفاظ على ميزان الأمومة كلما غدت علاقتها بأطفالها أكثر نضجًا وعمقًا في الوقت ذاته. وقبل الشروع بأي عمل علينا دومًا أن نضع أطفالنا نصب أعيننا، ونطرح سؤالًا عن جدوى مغامراتنا الذاتية كـ"أمهات" وكيف تعود بالنفع على أطفالنا.