حقيقة أم استهلاك؟! عباس بعث برسائل للفصائل بغرض المصالحة، هذا ما قاله عباس زكي القيادي في حركة فتح. القفز المفاجئ لمربع المصالحة يثير سؤال الحقيقة والمناورة معًا؟! السؤال يقول هل ثمة توجّه حقيقي نحو المصالحة والشراكة، أم أنّ المسألة لا تزيد عن مناورة مكررة للرئيس في أوقات الأزمات؟!
موسى أبو مرزوق، القيادي في حماس رحّب بما قاله عباس زكي، وقال نحن جاهزون. وإذا كانت حماس جاهزة للمصالحة والشراكة، فهل فتح وبالذات عباس جاهزون للمصالحة والشراكة؟! عباس لم يكن يومًا جاهزًا للشراكة مع حماس، ومن ثمّ الولوج لطريق المصالحة التي هي مدخل الشراكة الوحيد. عباس كان وما يزال يرى أنّ الشراكة مع حماس عبء على مشروعة التفاوضي، وأن بقاءها خارج الشراكة يريحه، ويعطيه حرية تصرف، ولا يقلب عليه طاولة التفاوض والمنح الدولية؟!
بعض ما كان يتخوف منه عباس من المصالحة والشراكة وقع عليه كالصاعقة القاتلة، من خلال إعلان صفقة القرن، وتوجه (إسرائيل) لضم ٣٠٪ من أراضي الضفة وفرض السيادة عليها، إسرائيل قلبت طاولة المفاوضات، ودمرت فرص حلّ الدولتين، وأميركا قلبت الطاولة، وأعطت ظهرها لعباس، ولم تعد طرفًا يوثّق به لرعاية المفاوضات؟!
هل انقلاب طاولة مشروع عباس رأسًا على عقب، وفرّ فرصة للمصالحة كما يقول عباس زكي؟! الجواب يقول: إنّ فرص المصالحة والشراكة كانت قائمة، وهي ما تزال قائمة، وربما تعززت بالانقلاب الذي أحدثه ترامب ونتنياهو من خلال صفقة القرن، ولكن هذا الانقلاب لم يستل كراهية عباس لحماس والمقاومة، ولم يبعثه للتنازل عن قيادته الفردية، وقراراته الأحادية، ورغبته بجلب الفصائل كلّها لبيت طاعته، والخضوع لإدارته لمشروع التفاوض والصراع؟!
هناك بلا شك قيادات في فتح ومنهم ربما عباس زكي جاهزون للمصالحة والشراكة، ولكن عباس شخصيًّا وفكريًّا ليس جاهزًا، وهو لا يتكلم عن حماس باحترام، ولا يتكلم عن المصالحة والشراكة كلامًا واقعيًا محترمًا، يجمع ولا يفرق. هو يريد شيئًا والفصائل تريد شيئًا هو لا يريده، لذا لا تتوفر فرص جيدة للمصالحة الآن كما أشار لذلك محمود الزهار، القيادي في حركة حماس، تعقيبًا على ما قاله عباس زكي؟! وعباس زكي يعبر عن رغبة شخصية لا أكثر؟! نرجو أن نكون مخطئين وأن يتحقق ما يقوله زكي؟!